للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَبْدُ الرَّزَّاقِ نا ابْنُ جُرَيْجٍ، قُلْت لِعَطَاءٍ: رَجُلٌ وُجِدَ يَأْكُلُ لَحْمَ الْخِنْزِيرِ، وَقَالَ: اشْتَهَيْتُهُ - أَوْ مَرَّتْ بِهِ بَدَنَةٌ فَنَحَرَهَا، وَقَدْ عَلِمَ أَنَّهَا بَدَنَةٌ - أَوْ امْرَأَةٌ أَفْطَرَتْ فِي رَمَضَانَ - أَوْ أَصَابَ امْرَأَتَهُ حَائِضًا - أَوْ قَتَلَ صَيْدًا فِي الْحَرَمِ مُتَعَمِّدًا - أَوْ شَرِبَ خَمْرًا فَتَرَكَ بَعْضَ الصَّلَاةِ فَذَكَرَ جُمْلَةً؟ فَقَالَ عَطَاءٌ: مَا كَانَ اللَّهُ نَسِيًّا، لَوْ شَاءَ لَجَعَلَ ذَلِكَ شَيْئًا يُسَمِّيه، مَا سَمِعْتُ فِي ذَلِكَ بِشَيْءٍ - ثُمَّ رَجَعَ إلَى أَنْ قَالَ: إذَا فَعَلَ ذَلِكَ مَرَّةً لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَإِذَا عَاوَدَ ذَلِكَ: فَلْيُنَكَّلْ - وَذَكَرَ الَّذِي قَبَّلَ امْرَأَتَهُ، وَاَلَّذِي أَصَابَ أَهْلَهُ فِي رَمَضَانَ.

وَبِهِ - إلَى عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: إذَا أَكَلَ لَحْمَ الْخِنْزِيرِ، ثُمَّ عَرَضَتْ لَهُ التَّوْبَةُ، فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ.

بِهِ - إلَى مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ فِي رَجُلٍ أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ، فَقَالَ: إذَا كَانَ فَاسِقًا مِنْ الْفُسَّاقِ: نُكِّلَ نَكَالًا مُوجِعًا، وَيُكَفِّرْ أَيْضًا - وَإِنْ كَانَ فَعَلَ ذَلِكَ انْتِحَالًا لِدِينٍ غَيْرِ الْإِسْلَامِ، عُرِضَتْ عَلَيْهِ التَّوْبَةُ.

وَبِهِ - إلَى عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ فِي أَكْلِ لَحْمِ الْخِنْزِيرِ فِي كُلِّ ذَلِكَ: حَدٌّ كَحَدِّ الْخَمْرِ.

وَاَلَّذِي نَعْرِفُهُ مِنْ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَصْحَابِهِمْ، وَأَصْحَابِنَا: أَنَّهُ يُعَزَّرُ فَقَطْ.

فَهَذِهِ فِي الْخِنْزِيرِ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ: قَوْلٌ فِيهِ: الْحَدُّ كَحَدِّ الْخَمْرِ - وَقَوْلٌ فِيهِ: أَنَّهُ لَا شَيْءَ فِيهِ أَصْلًا - وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ - وَأَوَّلُ قَوْلَيْ عَطَاءٍ -

وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ يُسْتَتَابُ، فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ - وَهُوَ قَوْلُ قَتَادَةَ

وَالرَّابِعُ: أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ، فَإِنْ عَادَ عُزِّرَ.

وَقَوْلَةٌ خَامِسَةٌ: أَنَّهُ يُعَزَّرُ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فَنَظَرْنَا فِيمَا يَحْتَجُّ بِهِ مَنْ رَأَى أَنَّ فِي ذَلِكَ حَدًّا؟ فَلَمْ نَجِدْ لَهُمْ شَيْئًا إلَّا الْقِيَاسَ، فَلَمَّا كَانَتْ الْخَمْرُ مَطْعُومَةً مُحَرَّمَةً، فِيهَا حَدٌّ مَحْدُودٌ: وَجَبَ أَنْ يَكُونَ كُلُّ مَطْعُومٍ مُحَرَّمٍ، فِيهِ حَدٌّ مَحْدُودٌ كَالْخَمْرِ، قِيَاسًا عَلَيْهَا - وَهَذَا أَصَحُّ قِيَاسٍ.

فِي الْعَالَمِ إنْ صَحَّ قِيَاسٌ يَوْمًا مَا.

وَطَائِفَةٌ قَالَتْ: لَمْ يَفْرِضْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَكِنَّ الصَّحَابَةَ أَجْمَعَتْ عَلَى فَرْضِهِ فَصَارَ وَاجِبًا بِالْإِجْمَاعِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>