لَقُلْنَا بِهِ، وَلَمَّا اسْتَجَزْنَا خِلَافَهُ أَصْلًا - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
ثُمَّ نَظَرْنَا فِي قَوْلِ مَنْ قَالَ: يُرْجَمَانِ مَعًا - أَحْصَنَا أَوْ لَمْ يُحْصِنَا - فَوَجَدْنَاهُمْ يَحْتَجُّونَ: بِأَنَّهُ هَكَذَا فَعَلَ اللَّهُ بِقَوْمِ لُوطٍ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ - مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ} [هود: ٨٢ - ٨٣] .
وَاحْتَجُّوا مِنْ الْآثَارِ الَّتِي ذَكَرْنَا آنِفًا: بِمَا نا أَحْمَدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ بْنِ دُلَيْمٍ نا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْخَلَّاصِ نا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ شَعْبَانَ ثَنْي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى، وَأَبِي الرَّبِيعِ بْنِ أَبِي رِشْدِينَ نا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ رَافِعٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «الَّذِي يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ فَارْجُمُوا الْأَعْلَى وَالْأَسْفَلَ» وَقَالَ فِيهِ: وَقَالَ «أَحْصَنَا أَوْ لَمْ يُحْصِنَا» .
فَهَذَا كُلُّ مَا شَغَبُوا بِهِ قَدْ تَقَصَّيْنَاهُ - وَكُلُّهُ لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ عَلَى مَا نُبَيِّنُ - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
أَمَّا فِعْلُ اللَّهِ تَعَالَى فِي قَوْمِ لُوطٍ - فَإِنَّهُ لَيْسَ كَمَا ظَنُّوا، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ {كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ} [القمر: ٣٣] {إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا} [القمر: ٣٤] إلَى قَوْله تَعَالَى {فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ} [القمر: ٣٧] .
وَقَالَ تَعَالَى {إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلا امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ} [العنكبوت: ٣٣] .
قَالَ تَعَالَى {إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ} [هود: ٨١] الْآيَةُ، فَنَصَّ تَعَالَى نَصًّا جَلِيًّا عَلَى أَنَّ قَوْمَ لُوطٍ كَفَرُوا، فَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ الْحَاصِبَ.
فَصَحَّ: أَنَّ الرَّجْمَ الَّذِي أَصَابَهُمْ لَمْ يَكُنْ لِلْفَاحِشَةِ وَحْدَهَا، لَكِنْ لِلْكُفْرِ وَلَهَا: فَلَزِمَهُمْ أَنْ لَا يَرْجُمُوا مَنْ فَعَلَ فِعْلَ قَوْمِ لُوطٍ، إلَّا أَنْ يَكُونَ كَافِرًا، وَإِلَّا فَقَدْ خَالَفُوا حُكْمَ اللَّهِ تَعَالَى فَأَبْطَلُوا احْتِجَاجَهُمْ بِالْآيَةِ، إذْ خَالَفُوا حُكْمَهَا.
وَأَيْضًا - فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَخْبَرَ: أَنَّ امْرَأَةَ لُوطٍ أَصَابَهَا مَا أَصَابَهُمْ، وَقَدْ عَلِمَ كُلُّ ذِي مَسْكَةِ عَقْلٍ أَنَّهَا لَمْ تَعْمَلْ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ.
فَصَحَّ: أَنَّ ذَلِكَ حُكْمٌ لَمْ يَكُنْ لِذَلِكَ الْعَمَلِ وَحْدَهُ، بِلَا مِرْيَةٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute