أَنَّهُ كَانَ عَلَى الْكُوفَةِ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَكَتَبَ إلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: إنِّي وَجَدْت رَجُلًا بِالْكُوفَةِ يَسُبُّك، وَقَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ، فَهَمَمْت بِقَتْلِهِ، أَوْ قَطْعِ يَدَيْهِ، أَوْ قَطْعِ لِسَانِهِ، أَوْ جَلْدِهِ ثُمَّ بَدَا لِي أَنْ أُرَاجِعَك فِيهِ - فَكَتَبَ إلَيْهِ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: سَلَامٌ عَلَيْك، أَمَّا بَعْدُ: وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ قَتَلْته لَقَتَلْتُك بِهِ، وَلَوْ قَطَعْته لَقَطَعْتُك بِهِ، وَلَوْ جَلَدْته لَأَقَدْته مِنْك، فَإِذَا جَاءَك كِتَابِي هَذَا، فَاخْرُجْ بِهِ إلَى الْكُنَاسَةِ فَسُبَّهُ كَاَلَّذِي سَبَّنِي، أَوْ اُعْفُ عَنْهُ، فَإِنَّ ذَلِكَ أَحَبُّ إلَيَّ، فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ قَتْلُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَسُبُّ أَحَدًا مِنْ النَّاسِ إلَّا رَجُلًا سَبَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - "
وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ، وَسَائِرُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ، وَأَصْحَابُهُمْ، إلَى أَنَّهُ بِذَلِكَ كَافِرٌ مُرْتَدٌّ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَلَمَّا اخْتَلَفُوا كَمَا ذَكَرْنَا وَجَبَ أَنْ نَنْظُرَ فِيمَا احْتَجَّتْ بِهِ كُلُّ طَائِفَةٍ لِقَوْلِهَا لِنَعْلَمَ الْحَقَّ مِنْ ذَلِكَ فَنَتَّبِعَهُ - بِعَوْنِ اللَّهِ تَعَالَى وَتَأْيِيدِهِ. فَوَجَدْنَا مَنْ قَالَ: لَا يَكُونُ بِذَلِكَ كَافِرًا يَحْتَجُّونَ بِمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ نا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ نا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ لَمَّا كَانَ يَوْمُ خَيْبَرَ «آثَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - نَاسًا فِي الْقِسْمَةِ فَقَالَ رَجُلٌ: وَاَللَّهِ إنَّ هَذِهِ لَقِسْمَةٌ مَا أُرِيدَ بِهَا وَجْهُ اللَّهِ تَعَالَى فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا قَالَ، فَتَغَيَّرَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى كَانَ كَالصِّرْفِ، ثُمَّ قَالَ: مَنْ يَعْدِلُ إذَا لَمْ يَعْدِلْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ؟ يَرْحَمُ اللَّهُ مُوسَى لَقَدْ أُوذِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ» .
وَبِمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ نا عَمْرُو بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ نا أَبِي عَنْ الْأَعْمَشِ نا سُفْيَانُ قَالَ: «قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ كَأَنِّي أَنْظُرُ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - يَحْكِي نَبِيًّا مِنْ الْأَنْبِيَاءِ ضَرَبَهُ قَوْمُهُ فَأَدْمَوْهُ، وَهُوَ يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ وَيَقُولُ: رَبِّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ» .
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَكُلُّ هَذَا لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ: أَمَّا الْقَائِلُ فِي قِسْمَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - هَذِهِ قِسْمَةٌ مَا عَدْلٌ فِيهَا، وَلَا أُرِيدَ بِهَا وَجْهُ اللَّهِ تَعَالَى، فَقَدْ قُلْنَا: إنَّ هَذَا كَانَ يَوْمَ خَيْبَرَ، وَإِنَّ هَذَا كَانَ قَبْلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute