وَبِهِ إلَى أَبِي دَاوُد: ثنا مُسْلِمُ بْنُ إبْرَاهِيمَ ثنا هِشَامٌ هُوَ الدَّسْتُوَائِيُّ، عَنْ يَحْيَى هُوَ ابْنُ كَثِيرٍ - عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ مُعَيْقِيبٍ أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ: «لَا تَمْسَحْ - يَعْنِي الْحَصَى - وَأَنْتَ تُصَلِّي، فَإِنْ كُنْتَ لَا بُدَّ فَاعِلًا فَوَاحِدَةً» .
قَالَ عَلِيٌّ: فَإِنْ احْتَجُّوا بِهَذَا فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ؟ .
قُلْنَا: هَذَا فِي مَسْحِ الْحَصَى الْمَنْهِيِّ عَنْهُ جُمْلَةً، الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ الْوَاحِدَةُ فَقَطْ؛ فَقُولُوا لَنَا: مَاذَا تَقِيسُونَ عَلَى هَذَا الْخَبَرِ؟ الْأَعْمَالَ الْمُبَاحَةَ جُمْلَةً بِالنُّصُوصِ؟ أَمْ الْأَعْمَالَ الْمَنْهِيَّ عَنْهَا جُمْلَةً؟ وَلَا بُدَّ مِنْ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ؟ .
فَإِنْ قَالُوا: بَلْ الْأَعْمَالَ الْمُبَاحَةَ جُمْلَةً؟ .
قُلْنَا: الْقِيَاسُ كُلُّهُ بَاطِلٌ؛ ثُمَّ لَوْ كَانَ الْقِيَاسُ حَقًّا لَكَانَ هَذَا مِنْهُ عَيْنَ الْبَاطِلِ أَوَّلُ ذَلِكَ: أَنَّهُ قِيَاسُ الْمُبَاحِ عَلَى الْمَحْظُورِ، وَهَذَا بَاطِلٌ عِنْدَ صَاحِبِ كُلِّ قِيَاسٍ؛ لِأَنَّهُ قِيَاسُ الشَّيْءِ عَلَى ضِدِّهِ، وَإِنَّمَا الْقِيَاسُ عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِهِ: قِيَاسُ الشَّيْءِ عَلَى نَظِيرِهِ جُمْلَةً، أَوْ عَلَى نَظِيرِهِ فِي الْعِلَّةِ الَّتِي هِيَ عَلَامَةُ الْحُكْمِ بِزَعْمِهِمْ.
وَأَيْضًا: فَأَنْتُمْ تُبِيحُونَ الْخُطْوَتَيْنِ وَالثَّلَاثَ فِي الصَّلَاةِ وَالضَّرْبَةَ وَالضَّرْبَتَيْنِ، وَأَخْذَ الْمَاءِ بِإِنَاءٍ مِنْ الْجَابِيَةِ لِمَنْ عَلَيْهِ الْحَدَثُ فِي الصَّلَاةِ، وَهَذَا أَكْثَرُ مِنْ الْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ؛ فَظَهَرَ بُطْلَانُ قِيَاسِكُمْ وَتُحَرِّمُونَ مَا زَادَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا.
؟ وَاسْتِقَاءَ الْمَاءِ مِنْ الْبِئْرِ لِمَنْ عَلَيْهِ الْحَدَثُ فِي الصَّلَاةِ؛ فَلَاحَ أَنَّكُمْ لَمْ تَتَعَلَّقُوا بِقِيَاسٍ أَصْلًا؟ .
فَإِنْ قَالُوا: بَلْ قِسْنَا الْأَعْمَالَ الْمَنْهِيَّ عَنْهَا عَلَى هَذَا الْخَبَرِ؟ .
قُلْنَا لَهُمْ: فَأَبِيحُوا إدْخَالَ الْإِبْرَةِ فِي خِيَاطَةِ الثَّوْبِ مَرَّةً وَاحِدَةً؛ وَقَدْحَ النَّارِ بِالزَّنْدِ بِضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ؛ وَأَبِيحُوا لَطْمَةً وَاحِدَةً لِلْخَادِمِ، وَرَدَّ مَرْمَى الْحَائِكِ مَرَّةً وَاحِدَةً؛ وَقَدَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute