ثنا أَبُو النَّضْرِ هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ ثَابِتٍ هُوَ الْبُنَانِيُّ - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّمَا التَّفْرِيطُ فِي الْيَقَظَةِ: أَنْ تُؤَخِّرَ صَلَاةً حَتَّى يَدْخُلَ وَقْتُ أُخْرَى» .
فَلَا بُدَّ مِنْ جَمْعِهَا كُلِّهَا لِصِحَّتِهَا فَصَحَّ أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَبَّرَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي لِلظُّهْرِ فِي آخِرِ وَقْتِهَا؛ فَصَارَ مُصَلِّيًا لَهَا فِي وَقْتِ الْعَصْرِ، وَهَذَا حَسَنٌ؟ وَالْخَبَرُ الَّذِي فِيهِ «وَوَقْتُ الْعَصْرِ مَا لَمْ تَغِبْ الشَّمْسُ» زَائِدٌ عَلَى سَائِرِ الْأَخْبَارِ؛ وَزِيَادَةُ الْعَدْلِ وَاجِبٌ قَبُولُهَا؟ وَكَذَلِكَ هُوَ زَائِدٌ عَلَى الْخَبَرِ الَّذِي قَدْ ذَكَرْنَا قَبْلُ بِإِسْنَادِهِ.
وَفِيهِ «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ» ؟ ، وَهَذَا الْخَبَرُ زَائِدٌ عَلَى الْآثَارِ الَّتِي فِيهَا «وَوَقْتُ الْعَصْرِ مَا لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ» وَلَا يَحِلُّ تَرْكُ زِيَادَةِ الْعَدْلِ وَهَذِهِ الْأَخْبَارُ كُلُّهَا زَائِدَةٌ عَلَى الْأَخْبَارِ الَّتِي فِيهَا «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى الْمَغْرِبَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي فِي الْوَقْتِ الَّذِي صَلَّاهَا فِيهِ بِالْأَمْسِ وَقْتًا وَاحِدًا» .
وَهَذِهِ الْأَخْبَارُ كُلُّهَا مُبْطِلَةٌ قَوْلَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ: أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمَغْرِبِ إلَّا وَقْتٌ وَاحِدٌ؛ وَهُوَ قَوْلٌ يَبْطُلُ مِنْ جِهَاتٍ -: مِنْهَا: مَا قَدْ صَحَّ مِمَّا سَنَذْكُرُهُ بِإِسْنَادِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «قَرَأَ فِي صَلَاةِ الْمَغْرِبِ سُورَةَ الْأَعْرَافِ، وَسُورَةَ الطُّورِ، وَالْمُرْسَلَاتِ» .
فَلَوْ كَانَ مَا قَالُوهُ لَكَانَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مُصَلِّيًا لَهَا فِي غَيْرِ وَقْتِهَا؛ وَحَاشَا لِلَّهِ مِنْ هَذَا؟ وَأَيْضًا: فَإِنَّ الْمَسَاجِدَ تَخْتَلِفُ؛ فَبَعْضُهَا لَا مَنَارَ لَهَا؛ وَهِيَ ضَيِّقَةُ السَّاحَةِ جِدًّا؛ فَيُؤَذِّنُ الْمُؤَذِّنُ مُسْرِعًا وَيُصَلِّي، وَبَعْضُهَا وَاسِعَةُ الصُّحُونِ: كَالْجَوَامِعِ الْكِبَارِ، وَعَالِيَةُ الْمَنَارِ؛ فَيُؤَذِّنُ الْمُؤَذِّنُ مُسْتَرْسِلًا ثُمَّ يَنْزِلُ؛ فَلَا سَبِيلَ أَنْ يُقِيمَ الصَّلَاةَ إلَّا وَأَئِمَّةُ الْمَسَاجِدِ قَدْ أَتَمُّوا؛ هَذَا أَمْرٌ مُشَاهَدٌ فِي جَمِيعِ الْمُدُنِ.
فَعَلَى قَوْلِ الْمَالِكِيِّينَ وَالشَّافِعِيِّينَ: كَانَ يَجِبُ أَنَّ هَؤُلَاءِ لَمْ يُصَلُّوا الْمَغْرِبَ فِي وَقْتِهَا؟
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute