للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَيَجْمَعُ بَيْنَهُمَا؛ وَيُؤَخِّرُ الْمَغْرِبَ حَتَّى يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا، وَبَيْنَ الْعِشَاءِ حِينَ يَغِيبُ الشَّفَقُ» ، وَهَكَذَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عُمَرَ أَيْضًا «إذَا جَدَّ بِهِ السَّفَرُ» .

وَهَذَا الْخَبَرُ: يَقْضِي عَلَى كُلِّ خَبَرٍ جَاءَ بِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - جَمَعَ بَيْنَ صَلَاتَيْ: الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ؛ وَبَيْنَ صَلَاتَيْ: الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فِي السَّفَرِ؛ وَلَا سَبِيلَ إلَى وُجُودِ خَبَرٍ يُخَالِفُ مَا ذَكَرْنَا؟ ، وَأَمَّا فِي غَيْرِ السَّفَرِ: فَلَا سَبِيلَ أَلْبَتَّةَ إلَى وُجُودِ خَبَرٍ فِيهِ: الْجَمْعُ بِتَقْدِيمِ الْعَصْرِ إلَى وَقْتِ الظُّهْرِ.

وَلَا بِتَأْخِيرِ الظُّهْرِ إلَى أَنْ يُكَبِّرَ لَهَا فِي وَقْتِ الْعَصْرِ؛ وَلَا بِتَأْخِيرِ الْمَغْرِبِ إلَى أَنْ يُكَبِّرَ لَهَا بَعْدَ مَغِيبِ الشَّفَقِ.

وَلَا بِتَقْدِيمِ الْعَتَمَةِ إلَى قَبْلِ غُرُوبِ الشَّفَقِ، فَإِذْ لَا سَبِيلَ إلَى هَذَا؛ فَمَنْ قَطَعَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ عَلَى تِلْكَ الْأَخْبَارِ الَّتِي فِيهَا الْجَمْعُ؛ فَقَدْ أَقْدَمَ عَلَى الْكَذِبِ وَمُخَالَفَةِ السُّنَنِ الثَّابِتَةِ، وَنَحْنُ نَرَى الْجَمْعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ؛ ثُمَّ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ أَبَدًا بِلَا ضَرُورَةٍ وَلَا عُذْرٍ، وَلَا مُخَالَفَةَ لِلسُّنَنِ؛ لَكِنْ بِأَنْ يُؤَخِّرَ الظُّهْرَ كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى آخِرِ وَقْتِهَا؛ فَيُبْتَدَأُ فِي وَقْتِهَا وَيُسَلِّمُ مِنْهَا وَقَدْ دَخَلَ وَقْتُ الْعَصْرِ؛ فَيُؤَذَّنُ لِلْعَصْرِ، وَيُقَامُ وَتُصَلَّى فِي وَقْتِهَا؛ وَتُؤَخَّرُ الْمَغْرِبُ كَذَلِكَ إلَى آخِرِ وَقْتِهَا؛ فَيُكَبِّرُ لَهَا فِي وَقْتِهَا وَيُسَلِّمُ مِنْهَا، وَقَدْ دَخَلَ وَقْتُ الْعِشَاءِ: فَيُؤَذَّنُ لَهَا وَيُقَامُ وَتُصَلَّى الْعِشَاءُ فِي وَقْتِهَا.

فَقَدْ صَحَّ بِهَذَا الْعَمَلِ مُوَافَقَةُ الْأَحَادِيثِ كُلِّهَا؛ وَمُوَافَقَةُ يَقِينِ الْحَقِّ: فِي أَنْ تُؤَدَّى كُلُّ صَلَاةٍ فِي وَقْتِهَا -، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

فَإِنْ ادَّعُوا الْعَمَلَ بِالْجَمْعِ بِالْمَدِينَةِ؛ فَلَا حُجَّةَ فِي عَمَلِ الْحَسَنِ بْنِ زَيْدٍ؟ وَلَا يَجِدُونَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -: صِفَةَ الْجَمْعِ الَّذِي يَرَاهُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ؛ وَقَدْ أَنْكَرَهُ اللَّيْثُ وَغَيْرُهُ وَالْعَجَبُ أَنَّ أَصَحَّ حَدِيثٍ فِي الْجَمْعِ: هُوَ مَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>