للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَنْكَرَ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ فِي لَيْلَةٍ؟ فَمَا الْتَفَتُّمْ إنْكَارَهُ فَالْآنَ اسْتَدْرَكْتُمْ هَذِهِ السُّنَّةَ؟ .

وَقَالُوا: لَوْ كَانَتْ الضَّجْعَةُ فَرْضًا لَمَا خَفِيَتْ عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عُمَرَ؟ فَقُلْنَا لَهُمْ: فَهَلَّا قُلْتُمْ مِثْلَ هَذَا فِي إتْمَامِ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِمِنًى؛ وَإِتْمَامِ عَائِشَةَ وَسَعْدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -؟ فَقُولُوا: لَوْ كَانَ قَصْرُ الصَّلَاةِ سُنَّةً مَا خَفِيَ عَلَى هَؤُلَاءِ وَهَلَّا قُلْتُمْ: لَوْ كَانَ الْجُلُوسُ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ فَرْضًا مَا خَفِيَ عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حِينَ يَقُولُ: إذَا رَفَعْت رَأْسَك مِنْ آخِرِ صَلَاتِك مِنْ السُّجُودِ فَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُك، فَإِنْ شِئْت فَقُمْ، وَإِنْ شِئْت فَاقْعُدْ؟ وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ جِدًّا؛ وَإِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ يَفْزَعُونَ إلَيْهِ إذَا ضَاقَ بِهِمْ الْمَجَالُ ثُمَّ هُمْ أَوَّلُ تَارِكٍ لَهُ؟ ، وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

فَإِنْ قَالُوا: فَبَطَلَتْ صَلَاةُ مَنْ لَمْ يَضْطَجِعْ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَغَيْرِهِمْ؟ قُلْنَا: إنَّ الْمُجْتَهِدَ مَأْجُورٌ يُصَلِّي، وَإِنْ خَفِيَ عَلَيْهِ النَّصُّ؛ وَإِنَّمَا الْحُكْمُ فِيمَنْ قَامَتْ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ فَعَنَدَ.

ثُمَّ نَعْكِسُ قَوْلَهُمْ عَلَيْهِمْ، فَنَقُولُ لِلْمَالِكِيِّينَ وَالشَّافِعِيِّينَ: أَتَرَى بَطَلَتْ صَلَاةُ ابْنِ مَسْعُودٍ وَمَنْ وَافَقَهُ؛ إذَا كَانَ يُصَلِّي، وَلَا يَرَى الْوُضُوءَ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ؟ وَنَقُولُ لِلْحَنَفِيِّينَ: أَتَرَى صَلَاةَ ابْنِ عُمَرَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ فَاسِدَةً، إذْ كَانَا يُصَلِّيَانِ، وَقَدْ خَرَجَ مِنْ أَنْفِ أَحَدِهِمَا دَمٌ، وَمِنْ بَثْرَةٍ بِوَجْهِ الْآخَرِ دَمٌ فَلَمْ يَتَوَضَّأْ لِذَلِكَ؟ .

وَنَقُولُ لِجَمِيعِهِمْ: أَتَرَوْنَ صَلَاةَ عُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَطَلْحَةَ، وَالزُّبَيْرِ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَأَبِي أَيُّوبَ، وَزَيْدٍ، وَغَيْرِهِمْ -: كَانَتْ فَاسِدَةً إذَا كَانُوا يَرَوْنَ: أَنَّ مَنْ وَطِئَ وَلَمْ يُنْزِلْ فَلَا غُسْلَ عَلَيْهِ، وَيُفْتُونَ بِذَلِكَ؟ وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ جِدًّا، يَعُودُ عَلَى مَنْ لَمْ يَكُنْ بِيَدِهِ حُجَّةٌ غَيْرُ التَّشْنِيعِ وَهُوَ عَائِدٌ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ أَشَدُّ خِلَافًا عَلَى الصَّحَابَةِ مِنَّا،

<<  <  ج: ص:  >  >>