ذَلِكَ فِي الْحَرَائِرِ وَالْإِمَاءِ سَوَاءٌ، حَتَّى يَأْتِيَ نَصٌّ فِي الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا فِي شَيْءٍ فَيُوقَفُ عِنْدَهُ، فَإِنْ قِيلَ: إنَّ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ} [النور: ٣١] : يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ تَعَالَى أَرَادَ الْحَرَائِرَ فَقُلْنَا: هَذَا هُوَ الْكَذِبُ بِلَا شَكٍّ؛ لِأَنَّ الْبَعْلَ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ: السَّيِّدُ، وَالزَّوْجُ، وَأَيْضًا فَالْأَمَةُ قَدْ تَتَزَوَّجُ؛ وَمَا عَلِمْنَا قَطُّ أَنَّ الْإِمَاءَ لَا يَكُونُ لَهُنَّ: أَبْنَاءٌ، وَآبَاءٌ، وَأَخْوَالٌ، وَأَعْمَامٌ، كَمَا لِلْحَرَائِرِ، وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ مَنْ وَهَلَ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ} [الأحزاب: ٥٩] إلَى أَنَّهُ إنَّمَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِذَلِكَ لِأَنَّ الْفُسَّاقَ كَانُوا يَتَعَرَّضُونَ لِلنِّسَاءِ لِلْفِسْقِ؛ فَأَمَرَ الْحَرَائِرَ بِأَنْ يَلْبَسْنَ الْجَلَابِيبَ لِيَعْرِفَ الْفُسَّاقُ أَنَّهُنَّ حَرَائِرُ فَلَا يَعْتَرِضُوهُنَّ. قَالَ عَلِيٌّ: وَنَحْنُ نَبْرَأُ مِنْ هَذَا التَّفْسِيرِ الْفَاسِدِ، الَّذِي هُوَ: إمَّا زَلَّةُ عَالِمٍ وَوَهْلَةُ فَاضِلٍ عَاقِلٍ؛ أَوْ افْتِرَاءُ كَاذِبٍ فَاسِقٍ؛ لِأَنَّ فِيهِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَطْلَقَ الْفُسَّاقَ عَلَى أَعْرَاضِ إمَاءِ الْمُسْلِمِينَ، وَهَذِهِ مُصِيبَةُ الْأَبَدِ، وَمَا اخْتَلَفَ اثْنَانِ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ فِي أَنَّ تَحْرِيمَ الزِّنَى بِالْحُرَّةِ كَتَحْرِيمِهِ بِالْأَمَةِ؛ وَأَنَّ الْحَدَّ عَلَى الزَّانِي بِالْحُرَّةِ كَالْحَدِّ عَلَى الزَّانِي بِالْأَمَةِ وَلَا فَرْقَ، وَإِنَّ تَعَرُّضَ الْحُرَّةِ فِي التَّحْرِيمِ كَتَعَرُّضِ الْأَمَةِ وَلَا فَرْقَ، وَلِهَذَا وَشِبْهِهِ وَجَبَ أَنْ لَا يُقْبَلَ قَوْلُ أَحَدٍ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا بِأَنْ يُسْنِدَهُ إلَيْهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ ثنا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ ثنا ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْجَارُودِ الْقَطَّانُ ثنا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ثنا قَتَادَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ الْحَارِثِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ حَائِضٍ إلَّا بِخِمَارٍ» .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute