للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَنْ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ وَهُوَ صَحِيحٌ ثُمَّ عَرَضَ لَهُ مَرَضٌ نَقَلَهُ إلَى الْجُلُوسِ، أَوْ الْإِيمَاءِ بَعْدَ أَنْ قَعَدَ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ مِقْدَارَ التَّشَهُّدِ وَلَمْ يُسَلِّمْ -: فَمَرَّةً قَالَ: تَبْطُلُ صَلَاتُهُمْ وَيَبْتَدِئُونَهَا - وَمَرَّةً قَالَ: قَدْ تَمَّتْ صَلَاتُهُمْ قَالَ عَلِيٌّ: وَإِنَّمَا أَوْرَدْنَا هَذِهِ الْمَسَائِلَ لِنَرَى تَنَاقُضَ أَقْوَالِهِمْ، وَأَنَّهُمْ لَمْ يَتَعَلَّقُوا لَا بِإِيجَابِ السَّلَامِ فَرْضًا وَلَا بِتَرْكِ إيجَابِهِ، وَلَا ثَبَتُوا عَلَى شَيْءٍ أَصْلًا وَهَذِهِ أَقْوَالٌ نَحْمَدُ اللَّهَ عَلَى السَّلَامَةِ مِنْ مِثْلِهَا وَمِنْ الْعَجَبِ أَنَّ أَصْحَابَهُ لَمْ يُخْرِجُوا هَذَا مِنْهُ عَلَى أَنَّهُمَا قَوْلَانِ لَهُ؛ بَلْ مَا زَالُوا يَشْغَبُونَ بِالْبَاطِلِ وَالْهَذْرِ فِي تَصْحِيحِ إسْقَاطِ فَرْضِ السَّلَامِ جُمْلَةً إلَّا فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ؛ فَإِنَّهُمْ شَغَبُوا فِي إيجَابِ فَرْضِ السَّلَامِ فِيهَا فَقَطْ، لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي ذَلِكَ وَأَمَّا قَوْلُ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ فَلَا دَلِيلَ عَلَى صِحَّتِهِ وَقَالَ مَالِكٌ: السَّلَامُ فَرْضٌ تَبْطُلُ صَلَاةُ مَنْ عَرَضَ لَهُ مَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ مَا لَمْ يُسَلِّمْ؛ إلَّا أَنَّهُ قَالَ: الْإِمَامُ وَالْفَذُّ لَا يُسَلِّمَانِ إلَّا تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً، وَأَمَّا الْمَأْمُومُ فَإِنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ عَنْ شِمَالِهِ أَحَدٌ سَلَّمَ - تَسْلِيمَتَيْنِ: إحْدَاهُمَا عَنْ يَمِينِهِ، وَالْأُخْرَى يَرُدُّ بِهَا عَلَى الْإِمَامِ، فَإِنْ كَانَ عَنْ يَسَارِهِ أَحَدٌ سَلَّمَ ثَالِثَةً رَدًّا عَلَى الَّذِي عَنْ يَسَارِهِ قَالَ عَلِيٌّ: وَهَذَا أَيْضًا قَوْلٌ لَا دَلِيلَ عَلَى صِحَّتِهِ، وَتَقْسِيمٌ لَمْ يَأْتِ بِهِ قُرْآنٌ وَلَا سُنَّةٌ وَلَا إجْمَاعٌ وَلَا قِيَاسٌ وَلَا قَوْلُ صَاحِبٍ؛ وَالْإِمَامُ لَمْ يَقْصِدْ بِسَلَامِهِ أَحَدًا، وَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ لَبَطَلَتْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ كَلَامٌ مَعَ الْمُسَلَّمِ عَلَيْهِ، وَالْكَلَامُ مَعَ غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَغَيْرِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الصَّلَاةِ عَمْدًا مُبْطِلٌ لِلصَّلَاةِ وَبُرْهَانُ هَذَا -: أَنَّ الْمُصَلِّيَ - كَانَ مَعَهُ أَحَدٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ - فَإِنَّهُ يُسَلِّمُ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ كَمَا يُسَلِّمُ الْإِمَامُ، فَصَحَّ أَنَّهُ خُرُوجٌ عَنْ الصَّلَاةِ، لَا تَسْلِيمٌ عَلَى أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ. فَسَقَطَ هَذَانِ الْقَوْلَانِ سُقُوطًا بَيِّنًا دُونَ كُلْفَةٍ - وَلِلَّهِ الْحَمْدُ قَالَ عَلِيٌّ: وَبَقِيَ قَوْلُ مَنْ لَمْ يَرَ التَّسْلِيمَ مِنْ الصَّلَاةِ فَرْضًا، وَقَوْلُ مَنْ اخْتَارَ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً، مِمَّنْ لَمْ يَضْطَرِبْ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ؛ فَوَجَدْنَا مَنْ لَا يَرَى التَّسْلِيمَ فَرْضًا يَحْتَجُّ بِمَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ عَاصِمِ بْنِ عَلِيٍّ: ثنا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ الْحُرِّ «عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُخَيْمِرَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>