وَأَمَّا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنَّهُمْ احْتَجُّوا بِمَا حَدَّثَنَاهُ حَمَامٌ ثِنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَاجِيَّ ثِنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ ثِنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ ثِنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ ثِنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: «أَلَا أُرِيكُمْ صَلَاةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ فَرَفَعَ يَدَيْهِ فِي أَوَّلِ تَكْبِيرَةٍ ثُمَّ لَمْ يَعُدْ»
قَالُوا: وَكَانَ عَلِيٌّ، وَابْنُ مَسْعُودٍ، لَا يَرْفَعَانِ أَيْدِيَهُمَا إلَّا فِي تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ فَقَطْ.
مَا نَعْلَمُ لَهُمْ حُجَّةً غَيْرَ هَذَا، وَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ، لِمَا نَذْكُرُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، فَنَقُولُ: وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ -: إنَّ هَذَا الْخَبَرَ صَحِيحٌ، وَلَيْسَ فِيهِ إلَّا أَنَّ رَفْعَ الْيَدَيْنِ فِيمَا عَدَا تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ لَيْسَ فَرْضًا فَقَطْ، وَلَوْلَا هَذَا الْخَبَرُ لَكَانَ رَفْعُ الْيَدَيْنِ - عِنْدَ كُلِّ رَفْعٍ وَخَفْضٍ وَتَكْبِيرٍ وَتَحْمِيدٍ فِي الصَّلَاةِ -: فَرْضًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَفْعُ الْيَدَيْنِ عِنْدَ كُلِّ رَفْعٍ عَلَى مَا نَذْكُرُ بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ.
وَصَحَّ عَنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّهُ قَالَ: «صَلُّوا كَمَا تَرَوْنِي أُصَلِّي» وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ بِإِسْنَادِهِ فِي كِتَابِنَا هَذَا فِي بَابِ وُجُوبِ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ.
فَلَوْلَا حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ هَذَا لَكَانَ فَرْضًا عَلَى كُلِّ مُصَلٍّ أَنْ يُصَلِّيَ كَمَا كَانَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يُصَلِّي.
وَكَانَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يُصَلِّي رَافِعًا يَدَيْهِ عِنْدَ كُلِّ رَفْعٍ وَخَفْضٍ، لَكِنْ لَمَّا صَحَّ خَبَرُ ابْنِ مَسْعُودٍ عَلِمْنَا أَنَّ رَفْعَ الْيَدَيْنِ فِيمَا عَدَا تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ: سُنَّةٌ وَنَدْبٌ فَقَطْ؟ وَإِنْ كَانَ عَلِيٌّ، وَابْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - لَا يَرْفَعَانِ، فَقَدْ كَانَ ابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَرْفَعُونَ فَلَيْسَ فِعْلُ بَعْضِهِمْ حُجَّةً عَلَى فِعْلِ بَعْضٍ، بَلْ الْحُجَّةُ عَلَى جَمِيعِهِمْ مَا صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَإِنْ كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَعَلِيٌّ: لَا يَرْفَعَانِ، فَمَا جَاءَ قَطُّ أَنَّهُمَا كَرِهَا الرَّفْعَ، وَلَا نَهَيَا عَنْهُ كَمَا يَفْعَلُ هَؤُلَاءِ وَأَمَّا مَنْ رَأَى رَفْعَ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الرُّكُوعِ، وَالرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ، فَإِنَّهُمْ احْتَجُّوا بِمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute