وَمَنْ كَانَتْ لُغَتُهُ غَيْرَ الْعَرَبِيَّةِ: جَازَ لَهُ أَنْ يَدْعُوَ بِهَا فِي صَلَاتِهِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَقْرَأَ بِهَا، وَمَنْ قَرَأَ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ: فَلَا صَلَاةَ لَهُ؟ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: مَنْ قَرَأَ بِالْفَارِسِيَّةِ فِي صَلَاتِهِ: جَازَتْ صَلَاتُهُ؟ قَالَ عَلِيٌّ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِأُمِّ الْقُرْآنِ» وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {قُرْآنًا عَرَبِيًّا} [يوسف: ٢]
وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} [إبراهيم: ٤]
فَصَحَّ أَنَّ غَيْرَ الْعَرَبِيَّةِ لَمْ يُرْسِلْ بِهِ اللَّهُ تَعَالَى مُحَمَّدًا - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَلَا أَنْزَلَ بِهِ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ، فَمَنْ قَرَأَ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ فَلَمْ يَقْرَأْ مَا أَرْسَلَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ نَبِيَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَلَا قَرَأَ الْقُرْآنَ، بَلْ لَعِبَ بِصَلَاتِهِ فَلَا صَلَاةَ لَهُ، إذْ لَمْ يُصَلِّ كَمَا أُمِرَ
فَإِنْ ذَكَرُوا: قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: {وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الأَوَّلِينَ} [الشعراء: ١٩٦] ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، ذِكْرُ الْقُرْآنِ وَالْإِنْذَارُ بِهِ فِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ، وَأَمَّا أَنْ يَكُونَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْزَلَ هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى أَحَدٍ قَبْلَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَبَاطِلٌ وَكَذِبٌ مِمَّنْ ادَّعَى ذَلِكَ؟ وَلَوْ كَانَ هَذَا مَا كَانَ فَضِيلَةً لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا مُعْجِزَةً لَهُ وَمَا نَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ هَذَا قَبْلَ أَبِي حَنِيفَةَ؟ وَمَنْ لَمْ يَحْفَظْ (أُمَّ الْقُرْآنِ) صَلَّى كَمَا هُوَ، وَعَلَيْهِ أَنْ يَتَعَلَّمَهَا، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا} [البقرة: ٢٨٦] فَهُوَ غَيْرُ مُكَلَّفٍ مَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ، فَإِنْ حَفِظَ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ غَيْرَهَا لَزِمَهُ فَرْضًا أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ، وَيَتَعَلَّمَ (أُمَّ الْقُرْآنِ) : لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا صَلَاةَ إلَّا بِقِرَاءَةٍ»
وَلِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} [المزمل: ٢٠]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute