للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِذَا تَشَهَّدَ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ فَهُوَ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ سَجَدَ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ قَبْلَ السَّلَامِ، ثُمَّ يُسَلِّمُ، وَإِنْ شَاءَ سَلَّمَ ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ. وَإِنْ أَيْقَنَ مِنْ خِلَالِ ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ قَدْ أَتَمَّ جَلَسَ مِنْ حِينِهِ وَتَشَهَّدَ وَسَلَّمَ وَلَا بُدَّ، ثُمَّ سَجَدَ لِلسَّهْوِ وَإِنْ ذَكَرَ بَعْدَ أَنْ سَلَّمَ وَسَجَدَ أَنَّهُ زَادَ يَقِينًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ. وَالسُّجُودُ فِي صَلَاةِ التَّطَوُّعِ وَاجِبٌ كَمَا هُوَ فِي صَلَاةِ الْفَرْضِ، وَلَا فَرْقَ فِي كُلِّ مَا ذَكَرْنَاهُ؟ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: السُّجُودُ كُلُّهُ لِلسَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ؟ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: هُوَ كُلُّهُ قَبْلَ السَّلَامِ؟ وَقَالَ مَالِكٌ: هُوَ فِي الزِّيَادَةِ بَعْدَ السَّلَامِ، وَفِي النُّقْصَانِ قَبْلَ السَّلَامِ قَالَ عَلِيٌّ: تَعَلَّقَ أَبُو حَنِيفَةَ بِبَعْضِ الْآثَارِ وَتَرَكَ بَعْضًا وَهَذَا لَا يَجُوزُ؟ وَكَذَلِكَ فَعَلَ الشَّافِعِيُّ وَزَادَ حُجَّةً نَظَرِيَّةً وَهِيَ: أَنَّهُ قَالَ: إنَّ جَبْرَ الشَّيْءِ لَا يَكُونُ إلَّا فِيهِ لَا بَائِنًا عَنْهُ قَالَ عَلِيٌّ: وَالنَّظَرُ لَا يَحِلُّ أَنْ يُعَارَضَ بِهِ كَلَامُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلَيْتَ شِعْرِي مِنْ أَيْنَ لَهُمْ بِأَنَّ جَبْرَ الشَّيْءِ لَا يَكُونُ إلَّا فِيهِ لَا بَائِنًا عَنْهُ؟ وَهُمْ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ الْهَدْيَ، وَالصِّيَامَ: يَكُونَانِ جَبْرًا لِمَا نَقَصَ مِنْ الْحَجِّ، وَهُمَا بَعْدَ الْخُرُوجِ عَنْهُ وَأَنَّ عِتْقَ الرَّقَبَةِ أَوْ الصَّدَقَةَ، أَوْ صِيَامَ الشَّهْرَيْنِ جَبْرٌ لِنَقْصِ وَطْءِ التَّعَمُّدِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ وَبَعْضُ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ إلَّا بَعْدَ تَمَامِهِ، وَسَائِرُ ذَلِكَ يَجُوزُ بَعْدَ تَمَامِهِ، وَهَذِهِ صِفَةُ الْآرَاءِ الْمُقْحَمَةِ فِي الدِّينِ بِلَا بُرْهَانٍ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَا مِنْ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ، فَرَأْيٌ مُجَرَّدٌ فَاسِدٌ بِلَا بُرْهَانٍ عَلَى صِحَّتِهِ، وَهُوَ أَيْضًا مُخَالِفٌ لِلثَّابِتِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أَمْرِهِ بِسُجُودِ السَّهْوِ قَبْلَ السَّلَامِ مَنْ شَكَّ فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى؟ وَهُوَ سَهْوُ زِيَادَةٍ

فَبَطَلَتْ هَذِهِ الْأَقْوَالُ كُلُّهَا، وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>