للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِ، وَهَذَا بَاطِلٌ بِيَقِينٍ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُكَلَّفَ إلَّا صَلَاةً وَاحِدَةً كَمَا هِيَ عَلَيْهِ وَلَا مَزِيدَ.

فَسَقَطَ قَوْلُ كُلِّ مَنْ ذَكَرْنَا، حَاشَا قَوْلِنَا، وَقَوْلِ زُفَرَ، وَالْمُزَنِيِّ؟ فَاعْتَرَضُوا عَلَيْنَا بِأَنْ قَالُوا: إنَّ النِّيَّةَ لِلصَّلَاةِ فَرْضٌ عِنْدَنَا وَعِنْدَكُمْ، وَأَنْتُمْ تَأْمُرُونَهُ بِنِيَّةٍ مُشْتَرَكَةٍ لَا تَدْرُونَ أَنَّهَا الْوَاجِبُ عَلَيْهِ، وَهَذَا الِاعْتِرَاضُ إنَّمَا هُوَ لِلَّذِينَ أَمَرُوهُ بِالْخَمْسِ، أَوْ الثَّمَانِ فَقَطْ؟ قُلْنَا لَهُمْ: نَعَمْ إنَّ النِّيَّةَ فَرْضٌ عِنْدَنَا وَعِنْدَكُمْ، وَأَنْتُمْ تَأْمُرُونَهُ لِكُلِّ صَلَاةٍ أَمَرْتُمُوهُ بِهَا بِنِيَّةٍ مَشْكُوكٍ فِيهَا أَوْ كَاذِبَةٍ بِيَقِينٍ وَلَا بُدَّ مِنْ أَحَدِهِمَا.

لِأَنَّكُمْ إنْ أَمَرْتُمُوهُ أَنْ يَنْوِيَ لِكُلِّ صَلَاةٍ أَنَّهَا الَّتِي فَاتَتْهُ قَطْعًا فَقَدْ أَوْجَبْتُمْ عَلَيْهِ الْبَاطِلَ وَالْكَذِبَ، وَهَذَا لَا يَحِلُّ، لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى يَقِينٍ مِنْ أَنَّهَا الَّتِي فَاتَتْهُ.

فَإِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى يَقِينٍ مِنْهَا وَنَوَاهَا قَطْعًا فَقَدْ نَوَى الْبَاطِلَ، وَهَذَا حَرَامٌ.

وَإِنْ أَمَرْتُمُوهُ أَنْ يَنْوِيَ فِي ابْتِدَاءِ كُلِّ صَلَاةٍ مِنْهَا أَنَّهَا الَّتِي عَلِمَ اللَّهُ أَنَّهَا فَاتَتْهُ فَقَدْ أَمَرْتُمُوهُ بِمَا عِبْتُمْ عَلَيْنَا، سَوَاءً سَوَاءً، لَا بِمِثْلِهِ؟ وَنَحْنُ نَقُولُ: إنَّ هَذِهِ الْمَلَامَةَ سَاقِطَةٌ عَنْهُ، لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى غَيْرِهَا أَصْلًا، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا} [البقرة: ٢٨٦]

وَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» ؟ فَقَدْ سَقَطَتْ عَنْهُ النِّيَّةُ الْمُعَيَّنَةُ، لِعَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَيْهَا، وَبَقِيَ عَلَيْهِ وُجُوبُ النِّيَّةِ الْمَرْجُوعِ فِيهَا إلَى عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى، إذْ هُوَ قَادِرٌ عَلَيْهَا - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ، فَسَقَطَ ذَلِكَ الْقَوْلُ أَيْضًا؟ .

ثُمَّ قُلْنَا لِزُفَرَ، وَالْمُزَنِيِّ: إنَّكُمْ أَلْزَمْتُمُوهُ جِلْسَةً بَعْدَ الرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ لَمْ يَأْمُرْ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا قَطُّ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُلْزَمَ أَحَدٌ إلَّا مَا نَحْنُ عَلَى يَقِينٍ مِنْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَلْزَمَهُ إيَّاهُ فَسَقَطَ أَيْضًا قَوْلُهُمَا، لِأَنَّهُمَا دَخَلَا فِي بَعْضِ مَا أَنْكَرَا عَلَى غَيْرِهِمَا؟ قَالَ عَلِيٌّ: وَبُرْهَانُ صِحَّةِ قَوْلِنَا -: هُوَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إنَّمَا أَوْجَبَ عَلَيْهِ صَلَاةً وَاحِدَةً فَقَطْ، لَا يَدْرِي أَيُّ صَلَاةٍ هِيَ؟ فَلَا يَقْدِرُ أَلْبَتَّةَ عَلَى نِيَّةٍ لَهَا بِعَيْنِهَا، وَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ نِيَّةٍ مَشْكُوكٍ فِيهَا أَيُّ صَلَاةٍ هِيَ؟ فَيَنْوِي أَنَّهُ يُؤَدِّي الصَّلَاةَ الَّتِي فَاتَتْهُ الَّتِي يَعْلَمُهَا اللَّهُ تَعَالَى،

<<  <  ج: ص:  >  >>