فَنَصَّ تَعَالَى عَلَى أَنَّ الْمُتَخَلِّفَ عَنْ الْجِهَادِ بِغَيْرِ عُذْرٍ مَذْمُومٌ أَشَدَّ الذَّمِّ فِي غَيْرِ مَا مَوْضِعٍ مِنْ الْقُرْآنِ -: مِنْهَا قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلا قَلِيلٌ} [التوبة: ٣٨] {إِلا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ} [التوبة: ٣٩] فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ جِدًّا.
ثُمَّ بَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ الْمُجَاهِدِينَ مُفَضَّلُونَ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَدَرَجَاتٍ، فَصَحَّ أَنَّهُ إنَّمَا عَنَى الْقَاعِدِينَ الْمَعْذُورِينَ الَّذِينَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنْ وَعْدِ اللَّهِ الْحُسْنَى وَالْأَجْرُ، لَا الَّذِينَ تُوُعِّدُوا بِالْعَذَابِ؟ وَكَمَا أَخْبَرَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّ صَلَاةَ الْقَاعِدِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلَاةِ الْقَائِمِ، وَلَمْ يَخْتَلِفُوا مَعَنَا فِي أَنَّ الْمُصَلِّيَ قَاعِدًا بِغَيْرِ عُذْرٍ لَا أَجْرَ لَهُ، وَلَا نَصِيبَ مِنْ الصَّلَاةِ، فَصَحَّ أَنَّ النِّسْبَةَ الْمَذْكُورَةَ مِنْ الْفَضْلِ إنَّمَا هِيَ بَيْنَ الْمُبَاحِ لَهُ الصَّلَاةُ قَاعِدًا لِعُذْرٍ مِنْ خَوْفٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ فِي نَافِلَةٍ؟ فَإِنْ أَرَادُوا أَنْ يَخُصُّوا بِذَلِكَ النَّافِلَةَ فَقَطْ، سَأَلْنَاهُمْ الدَّلِيلَ عَلَى ذَلِكَ؟ وَلَا سَبِيلَ لَهُمْ إلَيْهِ، إلَّا بِدَعْوَى فِي أَنَّ الْمَعْذُورَ فِي الْفَرِيضَةِ صَلَاتُهُ كَصَلَاةِ الْقَائِمِ، وَهَذِهِ دَعْوَى كَاذِبَةٌ مُخَالِفَةٌ لِعُمُومِ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «صَلَاةُ الْقَاعِدِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلَاةِ الْقَائِمِ» دُونَ تَخْصِيصٍ مِنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -؟ وَأَيْضًا - فَإِنَّ حُمَامَ بْنَ أَحْمَدَ حَدَّثَنَا قَالَ: ثنا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ ثنا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ، وَالْقَاضِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبِرْتِيُّ -: قَالَ الْقَاضِي الْبِرْتِيُّ: ثنا أَبُو مَعْمَرٍ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو الرَّقِّيُّ ثنا عَبْدُ الْوَارِثِ -: وَقَالَ بَكْرٌ: ثنا مُسَدَّدٌ ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ التَّنُّورِيُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute