قَالَ «فَأَقْبَلْتُ مَعَهُ - يَعْنِي رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى نَجِدَ النَّاسَ قَدْ قَدَّمُوا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ فَصَلَّى لَهُمْ، فَأَدْرَكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إحْدَى الرَّكْعَتَيْنِ، فَصَلَّى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مَعَ النَّاسِ الرَّكْعَةَ الْآخِرَةَ، فَلَمَّا سَلَّمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُتِمُّ صَلَاتَهُ فَأَفْزَعَ ذَلِكَ الْمُسْلِمِينَ، فَأَكْثَرُوا التَّسْبِيحَ، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقْبَلَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ: أَحْسَنْتُمْ، أَوْ قَدْ أَصَبْتُمْ، يَغْبِطُهُمْ أَنْ صَلَّوْا الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا» .
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ إلَى ابْنِ شِهَابٍ -: عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ نَحْوُ هَذَا الْحَدِيثِ، وَفِيهِ قَالَ الْمُغِيرَةُ: «أَرَدْت تَأْخِيرَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَعْهُ» .
قَالَ عَلِيٌّ: فَبِهَذَيْنِ الْخَبَرَيْنِ عَلِمْنَا أَنَّ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ، فَإِنْ اسْتَوَوْا فَأَفْقَهُهُمْ، فَإِنْ اسْتَوَوْا فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً، فَإِنْ اسْتَوَوْا، فَأَقْدَمُهُمْ سِنًّا» : نَدْبٌ لَا فَرْضٌ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَقْرَأُ مِنْ أَبِي بَكْرٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَفْقَهُ مِنْهُمَا، وَأَقْدَمُ هِجْرَةً، إلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْهُمَا وَأَسَنُّ مِنْهُمَا؟ وَبِهَذَيْنِ الْأَثَرَيْنِ جَازَتْ الصَّلَاةُ خَلْفَ كُلِّ مُسْلِمٍ، وَإِنْ كَانَ فِي غَايَةِ النُّقْصَانِ، لِأَنَّهُ لَا مُسْلِمَ إلَّا وَنِسْبَتُهُ فِي الْفَضْلِ وَالدِّينِ إلَى أَفْضَلِ الْمُسْلِمِينَ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَقْرَبُ مِنْ نِسْبَةِ أَبِي بَكْرٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ - وَهُمَا مِنْ أَفْضَلِ الْمُسْلِمِينَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute