للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُصَلِّي الَّتِي صَلَّى، وَأَمَّا نَحْنُ فَلَا؟ وَالْعَجَبُ مِنْ احْتِجَاجِهِمْ بِابْنِ عُمَرَ، وَهُمْ يُخَالِفُونَهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ نَفْسِهَا؟ وَقَالَ بَعْضُهُمْ قَوْلًا يَجْرِي فِي الْقُبْحِ مَجْرَى مَا تَقَدَّمَ لَهُمْ وَيُرْبِي عَلَيْهِ، وَهُوَ أَنَّهُ قَالَ: إنَّمَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ مُعَاذٍ لِعَدَمِ مَنْ كَانَ يَحْفَظُ الْقُرْآنَ حِينَئِذٍ؟ قَالَ عَلِيٌّ: لَوْ اتَّقَى اللَّهَ قَائِلُ هَذَا الْهَوَسِ أَوْ اسْتَحْيَا مِنْ الْكَذِبِ، لَمْ يَنْصُرْ الْبَاطِلَ بِمَا هُوَ أَبْطَلُ مِنْهُ.

وَلَوْ عَرَفَ قَدْرَ الصَّحَابَةِ وَمَنْزِلَتَهُمْ فِي الْعِلْمِ: لَمْ يَقُلْ هَذَا؛ لِأَنَّنَا نَجِدُ، الزِّنْجِيَّ وَالتُّرْكِيَّ، وَالصَّقْلَبِيَّ وَالرُّومِيَّ وَالْيَهُودِيَّ: يُسَلِّمُونَ، فَلَا تَمْضِيَ لَهُمْ جُمُعَةٌ إلَّا وَقَدْ تَعَلَّمَتْ الْمَرْأَةُ مِنْهُمْ، وَالرَّجُلُ (أُمَّ الْقُرْآنِ) وَ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) وَمَا يُقِيمُونَ بِهِ صَلَاتَهُمْ.

وَلَمْ يَسْتَحِ هَذَا الْجَاهِلُ الْوَقَّاحُ أَنْ يَنْسُبَ إلَى حَيٍّ عَظِيمٍ مِنْ أَحْيَاءِ الْأَنْصَارِ، وَحَيٍّ آخَرَ صَغِيرٍ مِنْهُمْ، وَهُمْ بَنُو سَلَمَةَ، وَبَنُو أَدَى قَدْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ - قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِعَامَيْنِ وَأَشْهُرٍ - ثَلَاثَةُ رِجَالٍ، وَأَسْلَمَ جُمْهُورُهُمْ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِدَهْرٍ -: أَنَّهُمْ بَقُوا الْمُدَّةَ الطَّوِيلَةَ الَّتِي ذَكَرْنَا بَعْدَ إسْلَامِهِمْ لَمْ يَهْتَبِلُوا بِصَلَاتِهِمْ، وَلَا تَعَلَّمُوا سُورَةً يُصَلُّونَ بِهَا، وَهُمْ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ وَالْبَصَائِرِ فِي الدِّينِ: اللَّهُمَّ الْعَنْ مَنْ لَا يَسْتَحْيِي مِنْ الْمُجَاهَرَةِ بِالْبَاطِلِ وَالْكَذِبِ الْمَفْضُوحِ؟

فَلْيَعْلَمْ أَهْلُ الْجَهْلِ: أَنَّهُ كَانَ فِيمَنْ يُصَلِّي فِي مَسْجِدِ بَنِي سَلَمَةَ الَّذِي كَانَ يَؤُمُّ فِيهِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ - ثَلَاثُونَ عَقَبِيًّا، وَثَلَاثَةٌ وَأَرْبَعُونَ بَدْرِيًّا سِوَى غَيْرِهِمْ.

أَفَمَا كَانَ فِي جَمِيعِ هَؤُلَاءِ الْفُضَلَاءِ أَحَدٌ يُحْسِنُ مِنْ الْقُرْآنِ مَا يُصَلِّي بِهِ؟ مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ.

وَكَانَ مِنْ جُمْلَتِهِمْ: جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَوَالِدُهُ، وَكَعْبُ بْنُ مَالِكٍ، وَأَبُو الْيَسْرِ وَالْحُبَابُ بْنُ الْمُنْذِرِ، وَمُعَاذٌ، وَمُعَوِّذٌ، وَخَلَّادٌ بَنُو عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ، وَعُقْبَةُ بْنُ عَامِرِ بْنِ نَابِئٍ وَبِشْرُ بْنُ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ، وَجَبَّارُ بْنُ صَخْرٍ، وَغَيْرُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْفَضْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>