للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليلة ترك البرد البلاد بها ... كالقلب أسعر نارا فهو مثلوج

فإن بسطت يدا لم تنبسط خصرا ... وإن تقل فبقول فيه تثبيج «١»

فنحن منه ولم نخرس ذوو خرس ... ونحن فيه ولم نفلج مفاليج

وقال بعضهم يصف يوما باردا كثير الضّباب:

يوم من الزّمهرير مقرور ... عليه جيب السّحاب مزرور

وشمسه حرّة مخدّرة ... ليس لها من ضبابه نور

كأنّما الجوّ حشوه إبر ... والأرض من تحته قوارير

وحكي أنّ أعرابيّا اشتدّ به البرد فأضاءت نار فدنا منها ليصطلي، وهو يقول:

اللهم لا تحرمنيها في الدّنيا ولا في الآخرة؛ أخذه بعضهم فقال وهو في غاية المبالغة:

أيا ربّ إن البرد أصبح كالحا ... وأنت بحالي عالم لا تعلّم

فإن كنت يوما مدخلي في جهنّم ... ففي مثل هذا اليوم طابت جهنّم

وقد اعتنى الناس بمدحه فقال بعضهم: لو لم يكن من فضله إلا أنه تغيب فيه الهوامّ وتنجحر الحشرات، ويموت الذّباب، ويهلك البعوض، ويبرد الماء، ويسخن الجوف، ويطيب العناق، ويظهر الفرش، ويكثر الدخن، وتلذّ جمرة البيت لكفى.

وتابعه بعض الشعراء فقال:

تركت مقدّمة الخريف حميده ... وبدا الشّتاء جديده لا ينكر

مطر يروق الصّحو منه وبعده ... صحو يكاد من الغضارة يمطر

غيثان والانواء غيث ظاهر ... لك وجهه والصّحو غيث مضمر

وقال أبو الفتح كشاجم:

<<  <  ج: ص:  >  >>