للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إليه الأقدار، وما أفضى إليه من كثير المناجح وقليل الأعذار، فإنّ أدب الأمالي عن المطالعة كالصوم لا يفضّ ختامه ولا يحلّ نظامه، إلا بعيد يطلع هلاله مبشّرا، ويبثّ خبره في الآفاق معطّرا، فلو أن متكلّفا أفطر قبل موعده، وورد الماء قبل مورده، لكان مفسدا لعقده، ناكثا لعهده.

كذلك المملوك أمسك حين كانت الأخبار بجانبه مشتبهة، والحقائق لديه غير متوجّهة، فإنّ طاغيتي الكفر بقسطنطينية وصقلّية كانا قد أوقدا للحرب نارا، ورفعا لها أوزارا «١» ، واتخذا لها أسطولا جاريا وعسكرا جرّارا، وتباريا ولم يزد الله الظالمين إلّا تبارا، وكتبا إلى الفرنج بعد انهزامهم بالنّجدة والنّصرة، وتضمّنا لهم الخروج والكرّة، ويصفان ما استعدّا به بما لا يعبّر عنه إلا بالكثرة، واستطارت الشّناعة وتداولتها الألسن، وخرجت من الأفواه حتّى لقد كادت تدخل فيما رأته الأعين، وورد إلى المملوك رسول من طاغية القسطنطينيّة وهو أقدم ملوك النصرانية قدما، وأكثرهم ما لا منتمى، فعرض عليه موادعة يكون بها عسكره مودعا، ويكون له بها مفزعا، له ولصاحب صقلّيّة، الذي زعم أنه أصل للشرّ يكون الشرّ منه مفرّعا، فلم يكن ولم يجب إلى السّلم، ولم يزعه أن عسكره خذله الله مبار في البرّ وفي اليمّ، إن شاء الله تعالى.

[الأسلوب السادس (أن تفتتح المكاتبة بخطبة مفتتحة بالحمد لله)]

وذلك يختصّ بالفتوح وغيرها مما حدث فيه نعمة، وربما بدئت بآية من كتاب الله، كما كتب العماد الأصفهانيّ «٢» عن السلطان «صلاح الدين

<<  <  ج: ص:  >  >>