الترتيب المتقدّم فيبقى الأفق محمرّا من جهة المغرب بعد الغروب، ثم تزول الحمرة ويبقى البياض الذي هو نظير الفجر الصادق، وبالحمرة حكم صلاة العشاء عند الشافعية وبالبياض حكمها عند الحنفية، ثم يزداد البياض ضعفا شيئا فشيئا إلى أن يغيب، ثم يتبعه البياض المستطيل المنتصب نظير الفجر الكاذب مدّة من الليل ثم يذهب، وهذا لا حكم له في الشرعيات. والهند لا يعدّون الفجر ولا الشّفق من الليل ولا من النهار، ويجعلونهما قسما مستقلّا، وهذا في غاية البعد لأن الله تعالى قسم الزمان إلى ليل ونهار ولم يذكر معهما سواهما.
[الجملة الثانية في اختلاف الليل والنهار بالزيادة والنقصان والاستواء باختلاف الأمكنة واعلم أن البلاد والنواحي على قسمين:]
القسم الأوّل ما يستوي فيه الليل والنهار أبدا، لا يختلفان بزيادة ولا نقصان
وذلك في البلاد التي لا عرض لها وهي ما مرّ عليه خط الاستواء؛ والعلة في التّساوي هي أن أصحاب الهيئة لما توهموا أن بين قطبي فلك البروج دائرة عظمى تقسم سطح السماء نصفين على السّواء وسمّوها دائرة معدّل النهار، وتوهموا أيضا في موازاتها دائرة أخرى تقسم سطح الأرض نصفين وسمّوها دائرة الاستواء وخط الاستواء؛ وكل بلد يمرّ عليه هذا الخط لا عرض له، وذلك لانقسام الكرة فيه وطلوع الشمس أبدا على رؤوس ساكنيه، وميلها في ناحيتي الشمال والجنوب بقدر واحد، ودوائر الأوقات تقطع جميع الدوائر الموازية لدائرة معدّل النهار بنصفين نصفين، فيكون قوس النهار وهو الزمان الذي من طلوع الشمس إلى غروبها مساويا لقوس الليل وهو الزمان الذي من غروب الشمس إلى طلوعها، فيكون الليل والنهار متساويين أبدا في هذه المواضع في جميع السنة.