«١» وقد تقدّم في الكلام على النّحل والملل الخلف في نسبتهم: فقيل إنهم أتباع ديسقرس، وإنه كان اسمه في الغلمانيّة يعقوب، وقيل أتباع يعقوب البردعاني، وقيل غير ذلك، والأصحّ عند المؤرّخين الأوّل. وبطركهم يحكم على طائفة اليعاقبة، وجميع نصارى الحبشة أتباعه، وفي طاعته ملك الحبشة الأكبر، وعنه تصدر ولايته.
وهذه نسخة توقيع لبطرك النصارى اليعاقبة:
أما بعد حمد الله الذي أظهر دين الإسلام على الدّين كلّه، وأصدر أمور الشرائع عن عقد شرعه وحلّه، وصيّر حكم كلّ ملة راجعا إلى حكم عدله، والشهادة له بالوحدانيّة التي تدلّ على أنه الواحد الأحد الذي لم يلد ولم يولد وليس شيء كمثله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد أعظم أنبيائه وأكرم رسله، وأشرف ولد آدم ونسله، المصطفى في علم الله من قبله، ووسيلته في التوراة من غرور الشيطان وخذله، والذي أطفأ الله ببركته نار نمروذ «٢» عن إبراهيم وجعلها بردا وسلاما وأجلّه من أجله، وبشّر به عيسى بن مريم عبد الله «٣» وابن أمته وأقرّ موسى بن عمران كليم الله بفضله، وعلى آله الطيّبين الطاهرين من فروع أصله، وأصحابه سامعي قوله، وتابعي سبله- فإنّ الله تعالى لما ارتضى