أشرتم في خطابكم إلى أنّ عندكم من تلك الأحوال ما تذكرونه مشافهة، وربما يكون ذلك أمدا يبنى عليه نظر، أو يتوجّه بحسبه عمل؛ فمن الجيّد ان تكتبوا بشرحه، إن شاء الله تعالى والسلام.
[الضرب الثاني (الأجوبة الواردة على الملوك)]
وهي على نحو ما تقدّم في الأجوبة الصادرة عن الملوك من الابتداء بلفظ:
«وصل» إلا في الخطاب، فإن المكتوب عنه يقع الخطاب منه ب «الخادم أو المملوك أو العبد» . ويخاطب الملك المكتوب إليه بمولانا أو مولانا الملك أو نحو ذلك؛ وربما كتب بدل وصل: ورد.
كما كتب القاضي الفاضل عن السلطان «صلاح الدين يوسف بن أيوب» في جواب كتاب ورد عليه مخبرا فيه بالحركة للقاء العدوّ ما صورته:
ورد على المملوك- أدام الله أيام المجلس العالي الملكيّ الناصريّ، ونصره على أعدائه، وملّكه أرضه بعدل حكم سمائه، ولا أخلى من نعمتي خيره ونظره قلوب وعيون أوليائه، وأعزّ الإسلام ورفع عن أهله البلوى بلوائه. الكتب القديمة التي تسرّ الناظرين من شعارها الأصفر، وتبشّر الأولياء إن كانوا غائبين مع الغيّب بأنّ حظّهم حاضر مع الحضّر؛ وقد كانت الفترة قد طالت أيامها، واستطالت آلامها، والطّرقات قد سبق إلى الأنفس إبهامها.
فالحمد لله الذي أذهب عنّا الحزن، وأولى من النعمة ما اشترى الحمد ثمن؛ ذلك من فضل الله علينا وعلى الناس. ووعد [الله] سبحانه منتظر، إذ يقول في كتابه: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً
«١» وصدق صلّى الله عليه وسلّم في قوله: «إنّ اختيار الله