للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأهواء التي تصدّ عن سنن الهدى، وتلقي في مهاوي الرّدى، وتدعو إلى شقّ العصا، وتقضي بانتثار النّظام، واختلاف الأنام، وانفصام عرى الإسلام، وكفّهم عن المماراة في الدّين، والإصغاء إلى سنّة المضلّين، المعطّلة للسّنن، القادحة للفتن، الداعية إلى احتقاب الآثام، وإراقة الدّماء الحرام، ونحو هذا مما يضاهيه.

ثم يقول: وانتهى إلى أمير المؤمنين التفاتكم عن معايشكم التي جعلها الله لدنياكم قواما، وعبادتكم التي صيّرها لآخرتكم نظاما، وإقبالكم على المماراة والمنازعة، والمناظرة والمجادلة، إلى شكوك يقيمها من يرغب في الرّياسة والتّقدّم، ليفوز بخبيث المطعم الذي يعمي البصائر، ويفسد السرائر، ويقدح زند الضّلال، ويشبّ نار المحال والانتحال، فامتعض أمير المؤمنين من ذلك وخاف عليكم أليم عاجلته، وذميم آجلته، وبادركم بكتابه هذا منبّها لغافلكم، ومرشدا لجاهلكم، وباعثا لكم على التّشاغل بما أطاب أخباركم، وحسّن آثاركم، من تلاوة كتاب الله الذي آثركم بتلاوته، وزيارة بيوت عبادته، والتأدّب بأدب نبيّه وعترته، وأوعز إلى النائب في الحرب بتقويم من خرج عن أمره، وتثقيف من أصرّ على غيّه، وأن يحسم الداء قبل استشرائه، ويستدركه دوين استفحاله، فاصغوا إلى زواجر أمير المؤمنين ومواعظه، واقتدّوا بهديه ومراشده، لتفوزوا بطاعته، وتسعدوا برضاه، وتسلموا في الحاضر، من مهانة أنتم بغيرها أولى، إن سلكتم الطريقة المثلى، وفي الغابر مما أعدّه الله لمن خالف عن أمره من العقاب في الدار الأخرى، فاعلموا هذا واعملوا به إن شاء الله تعالى.

قال: وقد يكتب السلطان إلى الرّعيّة بالنّهي عن التّفاخر بالبادية والتنازع في العصبيّة. ثم قال: والطريقة في هذا المعنى مشتقة من طريقة هذا الرسم.

[الصنف الثاني عشر (المكاتبة بالأوامر والنواهي)]

قال في «موادّ البيان» : على هذه الكتب مدار أشغال السلطان في أعماله؛

<<  <  ج: ص:  >  >>