وبرقابهم إحاطته، وفوق ظهورهم محمله، وعلى صدورهم مجثمه، أمرا جزما قضاه الله له وخصّه به، وأعطته الأيام عليه عهد أمانها، وأمرّت له به عقد ضمانها، عاطفة عليه بطاعتها ومواتاتها، مغضية له عن نوائبها ونبواتها، وحقيق عليه جلّ اسمه أن يفعل ذلك به، ويسمع هذا الدعاء فيه، إذ كان مرفوعا إليه في أوفر عباده فضلا، وأغمرهم نيلا، وأجزلهم أدبا، وأكثرهم حسبا، وأعملهم بطاعته، وأولاهم بإحسانه ومعونته.
كتبت هذا الكتاب أطال الله بقاء سيدنا الصاحب الجليل، ثم انخرط في سلك مقصده إلى آخره.
الأسلوب الثاني (أن يتوسّط الدعاء صدر الكتاب بعد الابتداء بكلام مناسب للحال)
كما كتب أبو إسحاق الصابي أيضا عن بعض الأمراء إلى أمير آخر، مبشّرا بفتح:
ومن أعظم النّعم- أطال الله بقاء مولانا الأمير الجليل- خطرا وأحسنها أثرا، نعمة سكّنت ثورة، وأطفأت فورة، وعادت على الناس بجميل الصّنع، وجليل النّفع، ونظام الأمور، وصلاح الجمهور، فتلك التي يجب أن يكون الشكر عليها مترادفا، والاعتداد بها متضاعفا، بحسب ما أزالت من المضرّة، وجدّدت من المسرّة، وأماطت من المحذور، ونشرت من المأمول. وحقيق على الناس أن يعرفوا حقّها ويوفوها من حمد الله قسطها، ويتنجّزوه وعده الحقّ في أدائها، وإطالة الإمتاع بها، والحمد لله على أن جعلنا ممن يعرف ذلك ويهتدي إليه، ويعتقده وينطوي عليه، ويؤدّي فرض الاجتهاد في الاستدامة والاستزادة منه، وأن خصّنا من هذه النّعم بذوات الفضل السابغ، والظّلّ الماتع، الجامعة لكبت العدوّ ومساءته، وابتهاج الوليّ ومسرّته، وهو المسؤول جلّ اسمه وعزّ ذكره، أن لا يسلبنا ما ألبسناه من سرابيلها، وأجرّناه من فضل ذيولها، وعوّدناه من جلالة أقدارها، وتعاظم أخطارها، ولا يعدمنا معونة منه على بلوغ أقصى الوسع