قال في «موادّ «١» البيان» : جرت العادة أن تنفّذ الكتب إلى ولاة الأعمال في مثل هذه الحالة، متضمّنة ما جرى عليه الأمر بالحضرة، من انقياد الأولياء والرعايا إلى الطاعة، ودخولهم في البيعة بصدور منشرحة، وحضّ من بالأعمال من رجال السلطان ورعيته على الدخول فيما دخل فيه أمثالهم، وإعطاء الرّعايا على ذلك صفقة أيمانهم.
وقد كان الرسم فيها أن تصدّر بحمد الله تعالى على عوارفه التي لم تزل تكشف الخطب، وترأب الشّعب، وتدفع المهمّ، وترفع الملمّ، وتجبر الوهن، وتسبغ الأمن، والصلاة على سيدنا محمد صلّى الله عليه وسلّم، وذكر خصائصه ومناقبه، وتشريف الله تعالى له بإقرار الإمامة في أقاربه، وتخصيصها ببني عمّه الذين هم أحقّ الناس به، وما أمر به الله تعالى رسوله صلّى الله عليه وسلّم من طلب مودّتهم من الأمة بقوله جلّ من قائل:
قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى
«٢» وما أشار إليه صلّى الله عليه وسلّم من بقاء الخلافة فيهم بقوله لعمّه العباس: «ألا أبشّرك يا عمّ، بي ختمت النّبوّة وبولدك تختم الخلافة» وما يجري مجرى ذلك. ثم يتلو ذلك بالإفصاح عن شرف الخلافة وفضلها، والإبانة عن رفيع مكانها ومحلّها، وأنها ظلّ الله الممدود، وحبله المشدود، ومساك الدّين ونظامه، وملاك الحق وقوامه، وامتنان الله تعالى على العباد بأن جعل فيهم أئمة يقسطون «٣» العدل عليهم، ويقيمون الحدود فيهم، ويقوّمون أديانهم، ويهذّبون إيمانهم، ويرهفون بصائرهم، ويهدون حائرهم، ويكفّون ظلومهم، وينصفون مظلومهم، ويجمعون كلمتهم، ويحمون