ذمارهم «١» ، ويحوطون ديارهم، وما يجري مجرى ذلك. ثم يذكر ما أوجبه الله تعالى على أهل الإسلام للإمام من الطاعة وحسن التّباعة أيام حياته، والانقياد لأمره في طاعة من ينصّ عليه في القيام مقامه بعد وفاته، ليتّصل حبل الإمامة بينهم، ويمتدّ ظلّ الخلافة عليهم، فإن كان قد تلقّى الخلافة بعهد عن خليفة قد مات، من أب أو غيره، أتى بمقدّمة في ذكر الموت، وأن الله تعالى سوّى فيه بين بريّته وجعل في تطرّقه إلى رسوله أسوة لخليقته، وتفرّد بالبقاء، وامتنع عن الفناء، ثم يقال: وإن الله تعالى لما اختار لعبده ووليه فلان النّقلة إلى دار كرامته، والحلول بفناء طاعته، وأعانه على سياسة بريته، وأنهضه بما حمّله، وأيده فيما كفّله، من الذبّ عن المسلمين، والمراماة عن الدّين، والعمل بكتابه وسنّته في القول والفعل، واستشعار خيفته ومراقبته في السرّ والجهر، وما يليق بهذا- استخلص عبده ووليّه فلانا الإمام الفلانيّ لخلافته، وأهمى سماء الرحمة بإمامته، وأحلّ عزيز النصر بولايته، وألقى في نفيس رأيه النصّ عليه، والتفويض إليه، لما علم سبحانه في ذلك من شمول المصلحة للعباد، وعموم الأمنة للبلاد، فأمضى- قدس الله روحه- ما ألهمه، وكمّله قبل خروجه من دار الدنيا وتممه، عالما بفضل اختياره، وأنه لم يمل به الهوى في إيثاره، فقام أمير المؤمنين الإمام الفلانيّ مقامه، وحفظ نظامه، وسدّ ثلمته، وعفّى رزيّته، وأقر الله تعالى الإمامة به في نصابها ومقرّها، وزاد باستخلافه في صيت الخلافة وقدرها.
وأمير المؤمنين يسأل الله تعالى أن يخص وليّه السعيد بقربه بأفضل صلواته، وأشرف تحياته، ويحسن جزاءه في سعيه في صلاح العباد، وسداد البلاد، وأن يلهم أمير المؤمنين الصبر على تجرّع الرّزيّة فيه [ويجزيه] أفضل ما جزى به صابرا محتسبا، وأن يجبر كسره في فقده، ويوفّقه لجميل العزاء من بعده، ويسدّده في مصادره وموارده، ويهديه لما يرضيه في جميع مقاصده، ويعينه على تأليف الأهواء، وجمع الآراء، ونظم الشّمل، وكفّ القتل، وإرخاء الظل.