مشروعا في الأمم الماضية ولكنه نسخ في ملّتنا. قال معاذ «يا رسول الله! إنّي قدمت الشام فرأيتهم يسجدون لأساقفتهم وعلمائهم فأنت يا رسول الله أحقّ أن يسجد لك. فقال:[لا] «١» لو كنت آمرا بشرا أن يسجد لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لبعلها من عظم حقّه عليها» . وعن صهيب:«أن معاذا [لما] «٢» قدم من اليمن سجد للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال يا معاذ، ما هذا؟ قال: إن اليهود تسجد لعظمائها وعلمائها، ورأيت النصارى تسجد لقسّيسيها وبطارقتها، قلت ما هذا؟
قالوا: تحيّة الأنبياء- فقال عليه السّلام: كذبوا على أنبيائهم» . وعن سفيان الثوريّ عن سماك بن هانيء قال: دخل الجاثليق «٣» على عليّ بن أبي طالب، فأراد أن يسجد له، فقال له عليّ: اسجد لله ولا تسجد لي.
فلما وردت شريعة الإسلام بنسخ التحيّة بالسجود وغلب ملوك العجم على الأقطار، استصحبوا ما كان عليه الأمر في الأمم الخالية، وعبّروا عنه بتقبيل الأرض فرارا من اسم السّجود ولورود الشريعة بالنهي عنه؛ واستمر ذلك تحية الملوك إلى الآن، فاستعار الكتّاب ذلك ونقلوه من الفعل إلى اللّفظ، فاستعملوه في مكاتباتهم إلى الخلفاء والملوك؛ ثم توسّعوا في ذلك فكاتبوا به كلّ من له عظمة بالنسبة إلى المكتوب عنه، ورتّبوه مراتب على ما سيأتي بيانه في موضعه إن شاء الله تعالى. ولا خفاء فيما في هذه المكاتبة من الكراهة.
الأسلوب العاشر (أن يفتتح الكتاب «بيقبّل اليد» وما في معناها من الباسط والباسطة)
ويقع التخلّص منه إلى المقصود بما يقع به التخلص في الأسلوب الذي