أما طيّه فمعروف، وهو أن يلفّ بعضه على بعض لفّا خاصّا. والطّيّ في اللغة خلاف النّشر؛ ويقال: طوى الكتاب يطويه طيّا، ومنه قوله تعالى: يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ
«١» . والترتيب في ذلك أن تكون الكتابة إلى داخل الكتاب؛ لأن المقصود صون المكتوب فيه.
ثم للناس في صورة الطيّ طريقتان:
الطريقة الأولى- أن يكون لفّه مدوّرا كأنبوبة الرّمح
، وهي طريقة كتّاب الشرق من قديم الزمان وإلى الآن.
والطريقة الثانية- أن يكون طيّه مبسوطا في قدر عرض أربعة أصابع مطبوقة
، وعلى ذلك كان الحال جاريا في الدولة الأيّوبية بالديار المصريّة. فقد ذكر عبد الرحيم بن شيث «٢» من كتّاب دولتهم، أنّ طيّ الكتب السلطانية يكون عرض أربعة أصابع، وكذلك من العلية إلى من دونهم، أما الكتاب من الأدنى إلى الأعلى فلا يتجاوز به عرض إصبعين، وهذا ظاهر في أنّ الطّيّ يكون عريضا لا مدوّرا، وهي طريقة أهل المغرب والرّوم والفرنج.
وأما ختمه، فالختم مصدر ختم، يقال: ختم الكتاب يختمه ختما، ومعناه الطّبع، ومنه قوله تعالى: خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ
«٣» والمراد شدّ رأس الكتاب والطبع عليه بالخاتم، حتّى لا يطّلع أحد على ما في باطنه حتّى يفضّه المكتوب إليه، على ما سيأتي ذكره إن شاء الله تعالى. وهو أمر