وأفعاله مبينة، خصوصا في المقام الشريف، واستمالته للقلوب بالعبارات اللطيفة، فقد نظم معاقد الائتلاف، وتزايد بشرحه الأنس في محاورته والاختلاف، ولولا المهمّ الشريف لا ستوقفناه عندنا عاما كاملا من بعد هذا التاريخ، ليملي علينا آيات المقام الشريف، شرّفه الله تعالى وعظّمه. وعلى لسانه ما يبديه في المواقف الشريفة شفاها إن شاء الله تعالى.
في سابع جمادى الآخرة سنة ثمان وتسعين وسبعمائة، أحسن الله تعالى ختامها، والحمد لله أوّلا وآخرا، وباطنا وظاهرا.
قلت: أما إمام الزيدية «١» باليمن فلم أقف له على مكاتبة، وإن كان المقرّ الشهابيّ ابن فضل الله قد أشار في كتابه «التعريف» إلى أنه ورد عنه مكاتبة إلى الأبواب السلطانية الناصرية (محمد بن «٢» قلاوون) يستجيشه على صاحب اليمن، والغالب على الظنّ أنّ مكاتبته أعرابية، كما أن إمارته أعرابيّة؛ إذ لا اعتناء لأهل البادية وعربان الوادي بفنّ الإنشاء جملة، وإنما يكتب عنهم بحسب ما يقتضيه حالهم، على أن فيما يأتون به مقنعا من الفصاحة والبلاغة بكل حال، إذ عنهم قد علم اللسان وعليهم فيه يعوّل.
[الطرف الرابع (في الكتب الواردة إلى الأبواب السلطانية عن ملوك الهند)]
قد تقدّم أن المكاتبة إلى صاحب الهند تشبه المكاتبة إلى القانات العظام بإيران وتوران «٣» وتقدّم أن الكتب الواردة عن القانات المذكورين تكون في معنى الكتب الصادرة إليهم في قطع الورق والترتيب، من حيث إن الغالب جريان العادة