أخبر تعالى عنه بقوله: رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ
«١» كانت جرهم الثانية نازلين بالقرب من مكة فاتصلوا بإسماعيل عليه السلام، وتزوّج منهم وكثر ولده وتناسلوا فعمروا الحجاز إلى الآن.
وأما تسميته حجازا، فقال الأصمعيّ: سمي بذلك لأنه حجز بين نجد وتهامة ولا متداده بينهما على ما تقدّم. وقال ابن الكلبيّ: سمّي بذلك لما احتجز به من الجبال. قلت: ووهم في «الروض المعطار» فقال «٢» : سمي حجازا لأنه حجز بين الغور والشام، وقيل لأنه حجز بين نجد والسّراة، وما أعلم ما الذي أوقعه في ذلك.
الطّرف الرابع في ذكر مياهه وعيونه وجباله المشهورة
أما مياهه وعيونه، فقال المتكلمون في المسالك والممالك: ليس بالحجاز بل بجزيرة العرب جملة نهر يجري فيه مركب، وإنما فيه العيون الكثيرة المتفجرة من الجبال المعتضدة بالسيول والأمطار، الممتدّة من واد إلى واد، وعليها قراهم وحدائقهم وبساتينهم مما لا يحصى ذلك كثرة، كما في الطائف وبطن مرّ، وبطن نخل، وعسفان وبدر وغير ذلك.
وأما جباله المشهورة، فاعلم أن جميع أرض الحجاز جبال وأودية ليس فيها بسيط من الأرض، وجباله أكثر من أن تدخل تحت العدّ أو يأخذها الحصر، وقد ذكر الأزرقيّ في «تاريخ مكة»«٣» أن لمكة «٤» اثني عشر ألف جبل لكل جبل منها اسم يخصه ولكن قد شهرت جبال مكة والمدينة والينبع.