قلت: وكانت فيه معدّية «١» يعدّى فيها بين قليوب وبيسوس، وكان يحصل للناس بها مشقة عظيمة لكثرة المارّين، فعمر عليها الظاهر بيبرس رحمه الله قنطرة عظيمة بحجر صلد، من غرائب البناء، تمرّ عليها الناس والدواب، فحصل للناس بها الارتفاق العظيم، وهي باقية على جدّتها إلى زماننا.
وكان سدّه يقطع في عيد الصليب في سابع عشر توت، ثم استقر الحال على أن يقطع يوم النّوروز، في أوّل يوم من توت حرصا على ريّ البلاد.
وأما بقية خلج الديار المصرية المستحدثة وترعها بالوجهين: القبليّ والبحري، فأكثر من أن تحصر، ولكل منها زمن معروف يقطع فيه.
[المقصد الخامس في ذكر بحيرات الديار المصرية، وهي أربع بحيرات]
الأولى منها- «بحيرة الفيّوم»
«٢» ويعبّر عنها بالبركة، وهي بحيرة حلوة «٣» بالقرب من الفيوم بين الشمال والغرب عنه، على نحو نصف يوم، يصب فيها فضلات مائه المنصب إليه من خليجه المنهى المتقدّم ذكره، وليس لها مصرف تنصرف إليه لإحاطة الجبل بها، ولذلك غلبت على كثير من قرى الفيّوم وعلا ماؤها على أرضها.
قال في «تقويم البلدان» : وطولها شرقا بغرب نحو يوم، وبها أسماك كثيرة تتحصل من صيدها جملة كثيرة من المال؛ وبها من آجام القصب والطّرفاء «٤» والبرديّ «٥» ما يتحصل منه المال الكثير.