وتعالى كما أخبر بقوله: وَيُنْشِئُ السَّحابَ الثِّقالَ
«١» ويسوقها إلى حيث يشاء، كما ثبت في الصحيح أنّ رجلا سمع صوتا من سحابة: اسق حديقة فلان.
وذهب الحكماء إلى أنه بخار متصاعد من الأرض مرتفع من الطبقة الحارّة إلى الطبقة الباردة فيثقل ويتكاثف وينعقد فيصير سحابا.
قال الثعالبيّ في «فقه اللغة» : وأوّل ما ينشأ يقال له: النّشء؛ فإذا انسحب في الهواء، قيل له: سحاب؛ فإذا تغيرت به السماء، قيل له: غمام، فإن سمع صوت رعده من بعيد قيل فيه: عقر؛ فإذا أظل، قيل: عارض.
وقد أخبر تعالى عن قوم عاد بقوله: فَلَمَّا رَأَوْهُ عارِضاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قالُوا هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا
«٢» ؛ فإن كان بحيث إذا رؤي ظنّ أنّ فيه مطرا قيل له:
مخيّلة؛ فإن كان السحاب أبيض قيل له: مزن؛ فإذا هراق ما فيه قيل: جهام، وقيل الجهام: هو الذي لا مطر فيه.
وقد أولع أهل النظم والنثر بوصفه وتشبيهه.
[الصنف الثالث الرعد]
وهو صوت هائل يسمع من السحاب، وقد اختلف في حقيقته فروي أنه صوت ملك يزجر به السحاب، وقيل غير ذلك؛ والنصيرية من الشّيعة يزعمون أنه صوت أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه حيث زعموا أنّ مسكنه السحاب؛ وذهبت الفلاسفة إلى أنه دخان يتصاعد من الأرض ويرتفع حتّى يتصل بالسحاب ويدخل في تضاعيفه ويبرد فيصير ريحا في وسط الغيم، فيتحرّك فيه بشدّة فيحصل منه صوت الرعد، ويقال منه: رعدت السماء؛ فإذا زاد صوتها،