للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يؤاخذه التقدير قسرا، والقول لا يجيب مطوّلا ولا مختصرا؟ فحسبه دعاء هو له رافع، ولأوقات الخلوات به قاطع، وإلى الله سبحانه في قبوله ضارع؛ والله يجيب في المقام العليّ المتوكليّ أفضل دعاء الخلق، ويضاعف له مع السابقين ثواب السّبق، ويجزيه خير الجزاء عما أزاله من الباطل وأداله من الحق؛ وهو تعالى ينصره يوم الباس، ويعصمه من الناس، ويبقي رفده للاكتساب ونوره للاقتباس، ويعرّفه في كل ما يستنبطه من أصل التوكل صحّة القياس، بمنه والسلام.

الأسلوب الثالث (أن تفتتح المكاتبة بأمّا بعد، ويتخلّص إلى المقصد ويختم بما يناسب المقام)

كما كتب أبو المطرّف بن عميرة إلى المتوكّل بن هود المقدّم ذكره، عن نفسه، يهنّئه بوصول هديّة الخليفة العباسيّ إليه من بغداد:

أما بعد، فكتب العبد- كتب الله للمقام العليّ الناصريّ المتوكّليّ مجدا يحلّ الكواكب، وجدّا يفلّ الكتائب. من شاطبة «١» ، وبركات دعوته السعيدة قد طبّقت البسيطة، وكاثرت البحار المحيطة، وأنجزت للإسلام أفضل مواعده، وجدّدت عهده لأهل بيت النبوّة الرافعة لقواعده، وفسّحت له مجال البشرى، وأطلعت عليه أنوار العناية الكبرى؛ فعاد إلى الوطن، ووجد حال السّهد طعم الوسن، وأورق عوده واتّسقت سعوده، وعاد إلى صحّته بالنظر الإماميّ الذي جاء يعوده. وحين صدور رسول دار السلام، ومثابة أهل الإسلام، ومقعد الجلالة، ومصعد إقرار الرسالة؛ ومعه الكتاب الذي هو غريب، أنس به الدّين الغريب، وبعيد الدار نزل به النصر القريب، وآية بأدلّتها الصادقة لتبطيل الشّبه الآفكة، وسكينة من ربّنا وبقيّة مما ترك آل نبيّنا تحمله الملائكة- اطمأنّت القلوب، وحصل المطلوب، ودرّت أخلاف الإيناس، وارتفع الخلاف بين الناس، وعلموا أن السالك قد أضاءت له المحجّة، والحقّ لا يعدو من بيده الحجّة؛ وأن من أمّرته

<<  <  ج: ص:  >  >>