نحمده على غيث فضله الدّارّ، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة سرّت الأسرار، وأذهب نورها ما كان للشرك من سرار، ونشهد أنّ محمدا عبده ورسوله الذي أنجد له في نصر الحق وأغار، وأرهف من سيف النّصر الغرار، صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين منهم من كان ثاني اثنين في الغار، ومنهم من سبقت له دعوة سيد المرسلين من سالف الأقدار، ومنهم من كرّم الله وجهه فكان له من أعظم الأنصار.
وبعد، فإنّ العطايا أيسر ما يكون تنويلها، وأسرّ ما يلفى تخويلها، إذا وجدت من هو لرايتها متلقّيا، وفي ذرا الطاعة مترقّيا، ومن إذا صدحت حمائم التأييد كانت رماحه الأغصان، وألويته الأفنان، ومن تردّى ثياب الموت حمرا فما يأتي لها الليل إلا وهي بالشهادة مخضرّة من سندس الجنان، وإذا شهر عضبه، أرضى ربّه، وإذا هزّ رمحه، حمى سرحه، وإذا أطلق سهما، قتل شهما، وإذا جرّد حساما، كان حسّاما، وإذا سافرت عزائمه لتطلب نصرا، حلّت سيوفه فجاءت بالأوجال جمعا وبالآجال قصرا.
ولما كان فلان هو الذي جمع هذه المناقب الجمّة، وامتاز بالصّرامة وعلوّ الهمّة، استحقّ أن ينظر إليه بعين العناية، وأن يجعل ابتداؤه في الإمرة دالّا على أسعد نهاية.