يجعله خليفة في حياته ثم يخلفه بعده. قال: ولو أوصى بالإمامة فوجهان «١» ؛ لأنه يخرج بالموت عن الولاية فلا يصحّ منه تولية الغير. واستشكل الرافعيّ رحمه الله هذا التوجيه بكلّ وصية، وبأنّ ما ذكره من جعله خليفة بعده، إن أريد به استنابته فلا يكون ذلك عهدا إليه بالإمامة. وإن أريد جعله إماما في الحال، فهو: إمّا خلع نفس العاهد، وإمّا اجتماع إمامين في وقت واحد. وإن أريد جعله خليفة أو إماما بعد موته فهو الوصية من غير فرق.
قلت: وهذا جنوح من الرافعيّ رحمه الله إلى صحّة الخلافة بالوصيّة أيضا، كما تصحّ «٢» بالاستخلاف.
[الوجه الثالث (فيما يجب على الكاتب مراعاته)]
واعلم أنه يجب على الكاتب أن يراعي في كتابة العهد بالخلافة أمورا:
منها: براعة الاستهلال بذكر ما يتّفق له، من معنى الخلافة والإمامة واشتقاقهما، وحال الولاية، ولقب العاهد والمعهود إليه، ولقب الخلافة، إلى غير ذلك مما سبق بيانه في الكلام على البيعات.
ومنها: أن ينبّه على شرف رتبة الخلافة، وعلوّ قدرها، ورفعة شأنها، ومسيس الحاجة إلى الإمام، ودعاية الضرورة إليه، ونحو ذلك مما سبق في البيعات أيضا.
ومنها: أن ينبّه على اجتماع شروط الإمامة في المعهود إليه من حين