وزبور داود خلاف، والأصحّ جواز عقدها له. وكذلك المجوس، لقوله صلّى الله عليه وسلّم:
«سنّوا بهم سنّة أهل الكتاب» . والسّامرة إن وافقت أصولهم أصول اليهود، عقد لهم وإلّا فلا. وكذلك الصّابئة إن وافقت أصولهم أصول النّصارى، ولا يعقد لزنديق، ولا عابد وثن، ولا من يعبد الملائكة والكواكب. ثم إذا كملت فيه شروط العقد فلا بدّ من قبوله العقد. ولو قال: قرّرني بكذا فقال: قرّرتك، صحّ. ولو طلبها طالب من الإمام وجبت إجابته.
الأمر الثالث- معرفة صيغة العقد
: وهي ما يدل على معنى التّقرير من الإمام أو نائبه، بأن يقول: أقررتكم أو أذنت لكم في الإقامة في دارنا على أن تبذلوا كذا وكذا وتنقادوا لحكم الإسلام.
الأمر الرابع- المدّة التي يعقد عليها
. ويعتبر فيها أن تكون مطلقة بأن لا يقيّدها بانتهاء، أو بما شاء المعقود له من المدّة. ولا تجوز إضافة ذلك إلى مشيئة الإمام، لأن المقصود من عقدها الدّوام. وقوله صلّى الله عليه وسلّم «أقرّكم ما أقرّكم الله» إنما ورد في المهادنة لا في عقد الذّمّة.
الأمر الخامس- معرفة المكان الذي يقرّون فيه
؛ وهو ما عدا الحجاز، فلا يقرّون في شيء من بلاد الحجاز: وهي مكّة، والمدينة، واليمامة، ومخاليفها- يعني قراها:- كالطّائف بالنّسبة إلى مكّة، وخيبر بالنّسبة إلى المدينة، ونحو ذلك.
وسواء في ذلك القرى والطّرق المتخلّلة بينها. ويمنعون من الإقامة في بحر الحجاز، بخلاف ركوبه للسفر. وليس لهم دخول حرم مكّة لإقامة ولا غيرها، إذ يقول تعالى: فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا
«١» فلو تعدّى أحد منهم بالدخول ومات ودفن في الحرم، نبش وأخرج منه ما لم يتقطّع، فإن تقطّع ترك. وقيل: تجمع عظامه وتخرج؛ وعليه يدلّ نصّ الشافعيّ رضي الله عنه في «الأمّ» .