حتّى ينقّوا من بردة الهوى المضرّة ويغتسلوا بحارّ مجاري دموع الخشوع ويلبسوا جديد ملابس التّقى ويغدوا من الحبائب. ومنه تعرف الوصايا، وعنه تنقل المزايا، وكرم الأخلاق والسّجايا؛ وليأمر السالكين بمداومة الأعمال الّتي قامت بحسن العقائد واستقلّت، وليحضّ المريدين أوائل التّسليك على ذلك فإن أحبّ الأعمال إلى الله تعالى أدومها وإن قلّت، وليعرّفهم المحبة بذكر الله لئلّا يقوموا على قدم الهيام، وليبيّن لهم المعنى إذا لم يعرفوا المعنى ليقطعوا الهواجر في طلب الصّيام، وليفرّق بين الواردات بملازمة الأوراد لئلّا يقعوا من الاشتباه في حيرة، وليأمرهم بادّخار العمل الصالح لتكون التقوى لقلوبهم قوتا والزّهد ميرة، وليقمع أهل البدع، وليرفع من اتّضع، وليتفقد أحوال أوقافهم بجميع الخوانق والرّبّط والزوايا بالجميل من النّظر، وليزد في الأجور بما يؤثّر فيها نظره الذي ما زال لهم منه أوفر نصيب فحبّذا العين والأثر؛ والوصايا وإن كثرت فهو مفيدها وعنده منبعها، وتقوى الله الّذي هو شيخها ومريدها في بيته المبارك حلاوة ذوقها ومجمعها؛ والله تعالى يكلؤه في اللّيل والنهار بآياته البّينات، ويرفعه بها ويرقّيه إلى أعلى الدّرجات.
المرتبة الثانية (من تواقيع مشايخ الأمكنة بحاضرة دمشق- ما يفتتح ب «أمّا بعد حمد الله» ؛ وفيها وظائف)
نسخة توقيع بمشيخة إقراء القرآن، من إنشاء الشيخ جمال الدين بن نباتة، كتب به للشيخ شهاب الدين «أحمد بن النقيب» ب «المجلس العالي» ؛ وهي:
أمّا بعد حمد الله رافع شهب الهدى أعلاما، وجاعل رتب أفضلها أعلى ما، ومحلّ أحمدها من مدارس الآيات منازل بدر إذا محا المحاق من هذا اسما أثبت من سموّ هذا قمرا تماما، ومسكنه من مواطن الذكر جنّات قوم بارتقائهم وبقاء ذكرهم خالدين فيها حسنت مستقرّا ومقاما، والصلاة والسلام على سيدنا