القسم الثاني ما يختلف فيه الليل والنهار في السنة بالاستواء والزيادة والنّقصان، وهي البلاد ذوات العروض
والعلّة في الزيادة والنّقصان أن المواضع التي تميل عن خطّ الاستواء إلى الشمال، تميل في كل موضع منها دائرة معدّل النهار إلى الجنوب وتنحطّ الشمس ويرتفع القطب الشماليّ من الأفق ويصير للبلد عرض بحسب ذلك الارتفاع، وبقدر بعده عن الخطّ. وإذا مالت الدائرة قطعت الآفاق كلّ دائرة من الدوائر الموازية لها بقطعتين مختلفتين، فيكون ما فوق الأرض من قسميها أعظم من الذي تحتها، لأن القطب لما ارتفع ارتفعت الدوائر الشمالية فظهر من كل واحدة أكثر من نصفها، وانحط مدار الشمس عن سمت الرأس إلى جهة الجنوب فبعد مشرق الصيف عن مشرق الشتاء فطال النهار وقصر الليل، وكلما زاد ارتفاع القطب في الأقاليم زاد الاختلاف الذي هو بين هذه القطع إلى أن تكون نهاية الأطوال حيث يكون ارتفاع القطب اثنتي عشرة درجة ونصفا وربعا وهو أوّل المعمور، اثنتي عشرة ساعة ونصفا وربعا؛ وحيث يكون ارتفاعه تسعا وعشرين درجة وهو آخر الاقليم الثاني، ثلاث عشرة ساعة ونصفا وربعا، وحيث يكون ارتفاعه ثلاثا وثلاثين درجة ونصفا وهو آخر الإقليم الثالث أربع عشرة ساعة وربعا، وحيث يكون ارتفاعه تسعا وثلاثين درجة وهو آخر الإقليم الرابع أربع عشرة ساعة ونصفا وربعا؛ وحيث يكون ارتفاعه ثلاثا وأربعين درجة ونصفا وهو آخر الإقليم الخامس خمس عشرة ساعة وربعا، وحيث يكون ارتفاعه سبعا وأربعين درجة وهو آخر الإقليم السادس خمس عشرة ساعة ونصفا وربعا، وحيث يكون ارتفاعه خمسين درجة وهو آخر الإقليم السابع ست عشرة ساعة وربعا.
ولا يزال اختلاف مطالع البروج يزداد بالامعان في الشمال ويتسع شرقا المنقلبين ويتقاربان مع مغربيهما إلى أن يلتقيا في العرض المساوي لتمام الميل الأعظم، وهو حيث يكون ارتفاع القطب ستّا وستين درجة؛ وفي هذا الموضع