ملّته، والوقوف مع قوانين شرعته ومعاطاة العدل في جماعته، والتزام شروط الذمة، والوقوف عند حدّها، والدخول تحت الطاعة، والوقوف عند ما حدّ له، ونحو ذلك.
الأمر السادس- مما يجب على الكاتب مراعاته وصية ربّ كل ولاية من الولايات المعتبرة بما يناسبها.
واعلم أن كل ما حسن وصية المولّى به، حسن وصفه به. والوصايا مختلفة باختلاف موضوعاتها، إلا أنّ الجميع يشترك في الوصيّة بتقوى الله، فهي الأسّ الذي يبنى عليه، والركن الذي يستند إليه. وهذا الباب هو الذي يطول فيه سبح الكاتب، ويحتاج فيه إلى سعة الباع؛ فإنه ما لم يكن الكاتب حاذقا بما يلزم ربّ كل ولاية ليوفّيها في الوصية حقّها، وإلا ضلّ عن الطريق، وحاد عن جادّة الصّنعة، ولذلك يقال للكاتب:«القلم الأكبر» : لأنه بصدد أن يعلّم كلّ واحد من أرباب الولايات ما يلزمه في ولايته.
وحينئذ فإن كان المتولّي «نائب سلطنة» وصّي بتفقّد العساكر، وعرض الجيوش، وإنهاضها للخدمة [وانتقائه]«١» للوظائف من يليق بها، وتنفيذ الأحكام الشرعيّة، ومعاضدة حكّام الشرع الشريف، وإجراء الأوقاف على شروط واقفيها، وملاحظة البلاد وعمارتها، وإطابة قلوب أهلها، والشّدّ من مباشري الأموال، وتقوية أيديهم، وملازمة العدل، وعدم الانفكاك عنه، وتحصين ما لديه من القلاع، واستطلاع الأخبار والمطالعة بها، والعمل بما يرد عليه من المراسيم السلطانية، وأنّ ما أشكل عليه يستضيء فيه بالآراء الشريفة، والإحسان إلى الجند، وتعيين إقطاع من مات منهم لولده إن كان صالحا، ونحو ذلك.
وإن كان «نائب قلعة» وصّي بحفظ تلك القلعة، وعمارة ما دعت الحاجة إلى عمارته منها، والأخذ بقلوب من فيها، وجمعهم على الطاعة، وأخذ قلوبهم