واللحن وسبق القلم؛ وعيب الإنسان يظهر منه لغيره ما لا يظهر له، فما أبصره من لحن أو خطا أصلحه ونبه كاتبه عليه فيحذر من مثله فيما يستأنفه، فإن تكرر منه زجره عن ذلك، وردعه عن العود إلى مثله، إذ الغرض الأعظم أن يكون كلّ ما يكتب عن الملك كامل الفضيلة خطّا ولفظا ومعنى وإعرابا حتّى لا يجد طاعن فيه مطعنا؛ فربما زلّ الكاتب في شيء فيزل بسببه متولّي الديوان، بل السلطان. بل الدولة بأسرها. قال: فإذا فرغ من عرض الكتاب والوقوف عليه، كتب عليه بخطه ما يدلّ على وقوفه عليه ليكون ملتزما بدركه» .
وكأنه يشير إلى ما تقدّم من كلامه: من أنه إن كان رسالة كتب عنوانها بخطه، وإن كان منشورا ونحوه، كتب تاريخه بخطه.
ثم قال:«فإن كان متولّي الديوان مشتغلا بحضور مجلس السلطان ومخاطباته والتلقّي عنه، ولا يمكنه مع ضيق الزمان توفية كلّ ما يكتب بالديوان حقّ النظر فيه وتصفّح ألفاظه ومعانيه، نصب له في ذلك نائبا كامل الصنعة حسن الفطنة موثوقا به فيما يأتي ويذر، يقوم مقامه في ذلك» . قال:«وليس ذلك لأنه يغني عن نظر متولي الديوان، ولكن ليتحمل عنه أكثر الكل ويصير اليه وقد قارب الصحة أو بلغها فيحصل على الراحة من تعبها، ويصرف نظره إلى ما لعله خفي على المتصفح من دقائق المعاني وعويص «١» المدارك، فيقلّ زمن النظر عليه، ويظفر بالغرض المطلوب في أقرب وقت» .
الأمر السادس نظره في أمر البريد ومتعلّقاته، وهو من أعظم مهمات السلطان، وآكد روابط الملك
قال زياد لحاجبه: «ولّيتك حجابي وعزلتك عن أربع: هذا المنادي إلى الله في الصلاة والفلاح فلا تعوجنّه عني، ولا سلطان لك عليه؛ وصاحب