ومداره الأيام دون الليالي؛ لأن سنتهم مع اختلافها في الشهور ومبادئها ومقاطعها شمسيّة، والشمس محلّ ظهورها النهار دون الليل، فلذلك أرّخوا بالأيام. قال أبو هلال العسكريّ في كتابه «الأوائل» : قال أحمد بن يحيى البلاذريّ: حضرت مجلس المتوكّل، وإبراهيم بن العبّاس يقرأ الكتاب الذي أنشأه في تأخير النّوروز «١» ، والمتوكّل يتعجّب من حسن عبارته ولطف معانيه والجماعة تشهد له بذلك، فدخلتني نفاسة «٢» فقلت: يا أمير المؤمنين، في هذا الكتاب خطأ! فأعادوا النظر، وقالوا: ما نراه فما هو؟ - قلت: أرّخ السنة الفارسيّة بالليالي، والعجم تؤرّخ بالأيام، واليوم عندهم أربع وعشرون ساعة تشتمل على الليل والنهار، وهو جزء من ثلاثين جزءا من الشهر؛ والعرب تؤرّخ بالليالي؛ لأن سنيهم وشهورهم قمريّة، وابتداء الهلال بالليل- قال: فشهدوا بصحّة ما قلته، واعترف به إبراهيم. وقال: ليس هذا من علمي.
قلت: وأكثر ما يحتاج إلى ذلك في تحويل السّنين ونقل النّيروز عند دوران السنين، كما في كتاب إبراهيم بن العباس المقدّم ذكره، وكذلك في كتابة الهدن «٣» فسيأتي أنه يجمع فيها بين التاريخ العربيّ والعجميّ جميعا، ويجب فيه تقديم العربيّ على العجميّ، مثل أن يكتب «كتب لعشر خلون من المحرّم سنة ثمانمائة، موافقا للعاشر من توت من شهور القبط» أو العاشر من تشرين الأوّل من شهور السريان، أو العاشر من ينير من شهور الروم، أو العاشر من أفرودين ماه، من شهور الفرس ونحو ذلك.