وقد قيل: من أخذ معنى بلفظه كان سارقا «١» ، ومن أخذ بعض لفظه كان سالخا، ومن أخذه فكساه لفظا من عنده كان أولى به ممن تقدّمه، وأين من هو أولى بالشيء ممن سبقه إليه ممن يعدّ سارقا وسالخا؟ ويقال إن أبا عذرة «٢» الكلام من سبك لفظه على معناه، ومن أخذ معنى بلفظه فليس له فيه نصيب. هذا فيمن أخذ سجعة أو سجعتين في خطبة أو رسالة، أو بيتا أو بيتين في قصيدة وما قارب ذلك؛ أما من أخذ القصيدة بكمالها، أو الخطبة أو الرسالة برمّتها، أو لفّقها من خطب أو رسائل فذاك إنما يعدّ ناسخا إن أحسن النقل، أو ماسخا إن أفسده.
واعلم أن الناثر الماهر، والشاعر المفلق قد يأتي بكلام سبقه إليه غيره، فيأتي بالبيت من الشعر، أو القرينة من النثر، أو أكثر من ذلك بلفظ الأوّل من غير زيادة ولا نقصان، أو بتغيير لفظ يسير، وهذا هو الذي يسميه أهل هذه الصناعة وقوع الحافر على الحافر. وقد سئل أبو عمرو بن العلاء «٣» عن الشاعرين يتفقان على لفظ واحد ومعنى فقال: عقول رجال توافت على ألسنتها.
والواقع من ذلك في كلامهم على قسمين:
القسم الأوّل ما وقع الاتفاق فيه في المعنى واللفظ جميعا.