البحرين، وسمع ورأى من فصله الحزل وفضله الجزيل ما هو عين المراد ومراد العين؛ وكم جلا من عرائس أفكاره وابتكاره صباح الوجوه الصباح، وخفق في الخافقين لمقاصده وبصائره جناح النجاح. قد أصبحت كلماته لخصور الفرائد مناطق، ولبدور الفوائد مشارق، ولطلائع أسرار المباني، آلات، ولمطالع أقمار المعاني، هالات، وقد وقعت حين وقفت على بديعيته هذه بين داءين كل منهما الأخطر، وبين أمرين أمرين كل منهما الأعسر؛ إن لم أكتب عليها شيئا فقد أخللت بالفرض الواجب، وإن كتبت فقد فضحت نفسي وعرضتها للمعايب ولكني رحت على ظلعي «١» متحاملا، وغدوت على حسب طاقتي في هذا الباب قائلا:
عاش البديع وكان ميتا وانثنى ... بادي المحاسن زاهيا محروسا
أحياه عيسى نجل حجاج وكم ... من ميت أحياه قدما عيسى
[النوع السادس حفظ كتاب الله العزيز وفيه مقصدان]
[المقصد الأول في بيان احتياج الكاتب إلى ذلك في كتابته]
قال في «حسن التوسل» : ولا بد للكاتب من حفظ كتاب الله تعالى، وإدامة قراءته، وملازمة درسه، وتدبر معانيه، حتى لا يزال مصورا في فكره، دائرا على لسانه، ممثلا في قلبه ليكون ذاكرا له في كلامه وكل ما يرد عليه من الوقائع التي يحتاج إلى الاستشهاد به فيها، ويفتقر إلى قيام قواطع الأدلة عليها، (فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ)