ملاحظة، وملائكته له حافظة. أعلمت ذلك لتذيعه في أهل عملك، وتطالع بكائنك.
الرابع- المكاتبة بالبشارة بالسلامة في ركوب الجمعة الثانية من شهر رمضان.
قد تقدم في الكلام على ترتيب المملكة بالديار المصرية في الدّولة الفاطميّة، في المقالة الثانية، أن الخليفة كان يركب في الجمعة الثانية من شهر رمضان إلى الجامع الأنور، وهو جامع باب البحر، الذي عمره الحاكم بأمر الله، وجدّده الصّاحب شمس الدين المقسيّ.
وهذه نسخة كتاب في المعنى، من إنشاء ابن الصّيرفيّ أيضا، وهي:
لم يزل غامر كرم الله وفضله، يفوق حاضره ما كان من قبله، فنعمة الله تعالى سابغة، ومننه متتابعة، وملابسها ضافية، ومغارسها نامية، وسحائبها هامية، وهو جلّ وعزّ يضاعفها على من صلّى وصام، ويواليها عند من تمسّك بالعروة الوثقى التي لا انفصال لها ولا انفصام، وتجدّد من ذلك ما كان من بروز مولانا وسيدنا الإمام فلان، صلوات الله عليه وعلى آبائه الطاهرين، وأبنائه الأكرمين، يوم الجمعة من شهر رمضان من سنة كذا، في شامخ عزّه، وباذخ مجده، وتوجّهه إلى الجامع الأنور المنسوب إلى مولانا الإمام الحاكم بأمر الله جدّه، سلام الله عليه وصلواته، وبركاته وتحيّاته، وعساكره قد تجاوزت الحدّ، وكثرت عن الإحصاء والعدّ، فإذا تأملها الطّرف انقلب عنها خاسئا وارتدّ.
ولما وصل إلى الجامع المذكور خطب فأورد من القول أحسنه، ووعظ فأسمع من الوعظ أوضحه وأبينه، وصلّى صلاة جهر بالقراءة فيها ورتّلها، وعاد إلى قصوره الشريفة وقد شملت البركات برؤيته، ووفّق من عمل بموعظته، ونجا من اقتدى به في صلاته، واستولى على السّعد من جميع أرجائه وجهاته. أعلمناك ذلك لتعرف قدر النّعمة به، فاشكر الله سبحانه بمقتضاه، واعتمد تلاوة هذا الأمر على رؤوس الأشهاد، فاعلم ذلك.