الرّتبة، وصعود هذه الذّروة الهضبة، ولأنّه الأولى بدرجات الرّتب النّفائس، والأجدر بجنى فروعها الموائس، والإمام على الحالين إذا قامت صفوف المساجد وإذا قعدت صفوف المدارس، والعربيّ الّذي إذا رقى ذروة منبر أطلقت عليه لفظة فارس، والورع الّذي آثر في مناصبه الباقية على الفانية، ومنابر الحكم المضيئة على مراتب الحكم الماضية، وعلى مجالس الدّعاوى مجالس الدّعوات، وعلى مقام الصّلات مقام الصلوات، وعلى القضاء الفرض، وعلى [الرّحبة المحلّ الأرقى]«١» ولو كمفحص «٢» القطاة من الأرض، وعلى عرض الدّنيا القليل جوهر الفضل الكثير، وعلى كتاب «أدب القاضي» كتاب «الجامع الصغير»«٣» فليباشر هذه الوظيفة المباركة: خطيبا تدرأ مواعظه الخطوب، واعظا من قلب تقيّ تصل هدايا تقاه إلى القلوب، فصيحا تكاد المنابر تهتزّ طربا ببيانه، نجيحا تكاد أجنحة أعلامها تطير فرحا بمكانه، شاملا بنفحات فضله النّواسم، كاملا لو تقدّم زمانه لم يقل:«فلا الكرج الدّنيا ولا النّاس قاسم» ؛ والله تعالى يسدّد أقواله وأفعاله، ويرفع على المنابر والرّتب والمراتب مقامه ومقاله، ويمتّعه بهذه الرّتبة الّتي أشبهت معنى في الخلافة:«فلم يكن يصلح إلّا لها ولم تكن تصلح إلا له» .
المرتبة الثالثة (من تواقيع أرباب الوظائف الدينية بحاضرة دمشق- ما يفتتح ب «- رسم بالأمر» ؛ وفيها وظائف)