ذكر المصيبة: إنّا لله وإنا إليه راجعون. وفي موضع ذكر النّعمة: الحمد لله خالصا، والشّكر لله واجبا، وما شاكل ذلك. قال في «موادّ البيان» : وإذا ذكر البلوى شفعها بالاستعانة بالله تعالى والرّجوع إليه فيها، وردّ الأمر إلى حوله وقوّته. قال ابن عبد ربه «١» : فإن هذه المواضع مما يتعيّن على الكاتب أن يتفقّدها ويتحفّظ فيها، فإن الكاتب إنما يصير كاتبا بأن يضع كلّ معنى في موضعه، ويعلّق كلّ لفظ على طبقه في المعنى.
ومما يلتحق بذلك أيضا أنه إذا ذكر الرئيس في أثناء المكاتبة، دعا له، مثل أن يقول عند ذكر السلطان: خلّد الله ملكه. وعند ذكر الأمير الكبير: عزّ نصره، أو: أعزّ الله تعالى أنصاره. وعند ذكر الحاكم: أيّد الله تعالى أحكامه، وما أشبه ذلك مما يجري هذا المجرى.
الأمر الثاني- أن يتخطّى التصريح إلى التلويح
والإشارة إذا ألجأته الحال إلى المكاتبة بما لا يجوز كشفه وإظهاره على صراحته، مما في ذكره على نصّه هتك ستر، أو في حكايته اطّراح مهابة السلطان، وإسماعه ما يلزم منه إخلال الأدب في حقه؛ كما لو أطلق عدوّه لسانه فيه بلفظ قبيح يسوءه سماعه. قال في «موادّ البيان» : فيحتاج المنشيء إلى استعمال التّورية «٢» في هذه المواضع، والتلطّف في العبارة عن هذه المعاني، وإبرازها في صورة تقتضي توفية حقّ السلطان في التوقير والإجلال والإعظام، والتنزيه عن المخاطبة بما لا يجوز إمراره على سمعه، وإيصال المعنى إليه من غير خيانة في طيّ ما لا غنى به عن علمه. قال: وهذا مما لا يستقلّ به إلا المبرّز في الصناعة، المتصرّف في تأليف الكلام.
الأصل الثامن (أن يعرف مقدار فهم كل طبقة من المخاطبين في المكاتبات من اللسان فيخاطب كلّ أحد بما يناسبه من اللفظ، وما يصل إليه فهمه من الخطاب) .