الله تعالى في حقهم: قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ
«١» . وطابق فعله قوله، ورفض الكفّار الذين لا يحلّ له أن يتّخذهم حوله؛ وأرسل إلينا رسولا من جهته يرتّل آيات الصلح ترتيلا، ويروق خطابه وجوابه حتّى يتلو كلّ أحد عند عوده: يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا
«٢» .
صارت حجّتنا وحجّته مركبة على من خالف ذلك، وكلمتنا وكلمته قامعة أهل الشرك في سائر الممالك؛ ومظافرتنا له تكسب الكافرين هوانا، والشاهد لمصافاتنا مفاد قوله تعالى: وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً
«٣» . وينتظم إن شاء الله تعالى شمل المصالح أحسن انتظام، ويحصل التمسك من الموادعة والمظافرة بعروة لا انفصال لها ولا انفصام، وتستقرّ قواعد الصّلح على ما يرضي الله تعالى ورسوله عليه أفضل الصلاة والسلام.
[الحالة الثانية (ما كان عليه رسم المكاتبة في الدولة الناصرية]
«محمد بن قلاوون» إلى أبي سعيد بهادرخان بن خدابندا «٤» : آخر ملوك بني هولاكو، ملك إيران) قال في «التعريف» : وهو كتاب يكتب في قطع البغداديّ الكامل؛ يبتدأ فيه بعد البسملة وسطر من الخطبة الغراء المكتتبة بالذهب المزمّك «٥» ، بألقاب سلطاننا على عادة الطغراوات «٦» ؛ ثم تكمّل الخطبة وتفتتح ببعديّة إلى أن تساق الألقاب،