وقام بالأمر أحسن قيام. وكان عادلا حازما فقطع أهل البغي والفساد وجلس لسماع الظّلامات، وبنى الحصون والمحارس بسواحل البحر، حتى كانت النار توقد في ساحل سبتة للإنذار بالعدوة فيتصل إيقادها بالإسكندرية في الليلة الواحدة، وبنى سور سوسة وانتقل إلى تونس فسكنها. وفي أيامه ظهرت دعوة العبيديّين بالغرب، ثم مات سنة تسع وثمانين ومائتين.
وولي ابنه أبو العبّاس (عبد الله بن إبراهيم) أخي محمد أبي الغرانيق، وكان عادلا، حسن السيرة، بصيرا بالحروب، فنزل تونس مكان أبيه «١» ودخلوا في أمره جملة وجرى بينه وبينه حروب، ثم قتل في شعبان سنة تسعين ومائتين.
وولي ابنه أبو مضر (زيادة الله) فأقبل على اللّذّات واللهو، وأهمل أمور الملك، وقتل أخاه وعمومته وأخواته، وقوي حال الدعاة لعبيد الله المهدي جدّ الخلفاء الفاطميين بمصر فحمل زيادة الله أمواله وأثقاله ولحق بمصر، فمنعه عاملها من الدّخول إليها إلا بأمر المقتدر الخليفة، فسار إلى العراق فاستأذن عليه، فأتاه كتاب المقتدر بالرجوع إلى القيروان وإظهار الدّعوة، فوصل إلى مصر فأصابه بها علّة سقط منها شعره، ورجع إلى القدس فمات بها، وانقرضت دولة بني الأغلب بالمغرب.
الطبقة الثانية (العبيديّون)
وكان مبدأ أمرهم أن محمدا الحبيب بن جعفر المصدّق، بن محمد المكتوم، بن إسماعيل الإمام، بن جعفر الصادق، بن محمد الباقر، بن عليّ زين