«١» وتجمع أيضا على صحائف، وسمي المصحف مصحفا لجمعه الصحف. قال الجوهري: وسمي التصحيف تصحيفا للخطإ في الصحيفة.
[الجملة الثانية فيما كانت الأمم السالفة تكتب فيه في الزمن القديم]
وقد كانت الأمم في ذلك متفاوتة، فكان أهل الصّين يكتبون في ورق يصنعونه من الحشيش والكلإ، وعنهم أخذ الناس صنعة الورق؛ وأهل الهند يكتبون في خرق الحرير الأبيض، والفرس يكتبون في الجلود المدبوغة من جلود الجواميس والبقر والغنم والوحوش؛ وكذلك كانوا يكتبون في اللّخاف (بالخاء المعجمة) : وهي حجارة بيض رقاق، وفي النّحاس والحديد ونحوهما، وفي عسب النخل (بالسين المهملة) وهي الجريد الذي لا خوص عليه، واحدها عسيب، وفي عظم أكتاف الإبل والغنم. وعلى هذا الأسلوب كانت العرب لقربهم منهم.
واستمرّ ذلك إلى أن بعث النبيّ صلى الله عليه وسلّم ونزل القرآن والعرب على ذلك، فكانوا يكتبون القرآن حين ينزل ويقرأه عليهم النبي صلى الله عليه وسلّم في اللّخاف والعسب؛ فعن زيد بن ثابت رضي الله عنه أنه قال عند جمعه القرآن:«فجعلت أتتبّع القرآن من العسب واللّخاف» . وفي حديث الزهريّ:«قبض رسول الله صلى الله عليه وسلّم والقرآن في العسب» وربما كتب النبي صلى الله عليه وسلّم بعض مكاتباته في الأدم كما سيأتي في موضعه إن شاء الله تعالى.
وأجمع رأي الصحابة رضي الله عنهم على كتابة القرآن في الرّق لطول بقائه، أو لأنه الموجود عندهم حينئذ. وبقي الناس على ذلك إلى أن ولي الرشيد الخلافة وقد كثر الورق وفشا عمله بين الناس أمر ألّا يكتب الناس إلا في الكاغد، لأن الجلود ونحوها تقبل المحو والإعادة فتقبل التزوير، بخلاف الورق فإنه متى