عبد المؤمن بعده في الكلام على مكاتبة صاحب برّ العدوة. وقد تقدّم ابتداء انتقال مملكة إفريقيّة إلى أبي حفص وانسحابها فيهم إلى زماننا على الترتيب.
الجملة الحادية عشرة (في ترتيب المملكة بها: من زيّ الجند، وأرباب الوظائف: من أرباب السّيوف والأقلام، ومقادير الأرزاق الجارية عليهم، وزيّ السلطان، وترتيب حاله في الملك)
[أما الجند]
، فقد نقل في «مسالك الأبصار» عن أبي عبد الله بن القويع: أن الذي قرّره لهم مهديّهم ابن تومرت، ثم عبد المؤمن وأبناؤه بعده أنّه ليس لهم أمراء ولا أتباع يطلب بعدّتهم كعدّة الأمراء بمصر، وإنما لهم أشياخ من أعيانهم لا عدّة لهم ولا جند، بل المرء منهم بنفسه فقط، ولكلّ طائفة منهم رئيس يتولّى النظر في أحوالهم يسمّونه المزوار.
أما الجند فمن الموحّدين والأندلسيّين وقبائل بها من المضافة إليهم ومن قبائل العرب ومن هاجر إليهم من العرب القدماء، الذين هاجروا في مدّة بني عبد المؤمن، والمماليك التّرك المبتاعة من الديار المصرية، ومن الفرنج وغيرهم.
وحاصل ما ذكره في «المسالك» أن الجند عندهم على سبع طبقات.
الطبقة الأولى- الأشياخ الكبار من الموحّدين
الذين هم بقايا أتباع المهديّ ابن تومرت. قال في «مسالك الأبصار» : وهم بمثابة أمراء الألوف بمصر، وبمثابة النّوينات أمراء التوامين بمملكة إيران.
الطبقة الثانية- الأشياخ الصّغار من الموحّدين
أيضا: وهم دون من تقدّم منهم في الرتبة.
الطبقة الثالثة- الوقّافون
. قال في «مسالك الأبصار» : سألت ابن القويع عن معنى الوقّافين ما هو؟ فقال: هم قوم لهم خاصّيّة بالسلطان يسكنون معه في القصبة: وهي القلعة، بمنزلة الأمراء الخاصكيّة. قال: وهم طبقتان: وقّافون