ولسانه نصف على ما تقدم. ثم تقول وصورته من اللحم والدم فضلة لا غناء بها دونهما، ولا معوّل عليها إلا معهما.
قال في «الصناعتين» : وزيادة الألفاظ التي تحصل فيه ليست بضائرة لأن بسط الألفاظ في أنواع المنثور شائع؛ ألا ترى أنها تحتاج إلى الازدواج، ومن الازدواج ما يكون بتكرير كلمتين لهما معنى واحد وليس ذلك بقبيح، إلا إذا اتفق لفظاهما؛ إلا أن اكثر ما يحسن فيه إيراد المعنى على غاية ما يمكن من الإيجاز، ومعنى قوله «فلم يبق إلا صورة اللحم والدم» داخل في قوله «لسان الفتى نصف ونصف فؤاده» والمصراع الثاني تذييل للمصراع الأول. قال: فإذا أردت أن تحلّه حلّا مقنصرا بغير لفظه، قلت الانسان شطران: لسان وجنان؛ وقريب من ذلك قول أبي نواس:
ألا يا ابن الذين فنوا وبادوا ... أما والله ما ذهبوا لتبقى
فإن المصراع الأول يمكن حله بأن تقول: الا يا ابن الذين بادوا وفنوا فيكون مستقيما. أما المصراع الثاني فإنه إن قدّم فيه أو أخر بأن قيل: ما ذهبوا لتبقى أما والله فإنه لا يستقيم، فتحتاج في نثره إلى تغيير وزيادة فتقول: ألا يا ابن الذين ماتوا ومضوا وظعنوا ونأوا أما والله ما ظعنوا لتقيم، ولا راموا لتريم، ولا موّتوا لتحيا، ولا فنوا لتبقى. قال في «الصناعتين» : وفي هذه الألفاظ طول وليس بضائر على ما تقدم. قال: وإن أردت اختصاره قلت أما والله إن الموت لم يصبك في أبيك إلا ليصيبك فيك.
[الضرب الثاني وهو أعلى من الضرب الأول: أن ينثر المنظوم ببعض ألفاظه ويغرم عن البعض ألفاظا أخر. ويحسن ذلك في حالين]
الحال الأول- أن يكون في الشّعر ألفاظ لا يقوم غيرها من الألفاظ مقامها
بأن تكون مثلا سائرا أو جارية مجرى المثل: كقول بعض شعراء الحماسة: